19‏/03‏/2011

من أعلام روصو : المختار ولد حمدي ..رجل العلم والصلاح

صورة العلامة المختار ولد حمدي (أرشيف أحفاده)
إن الحديث عن شخصية مثل المختار ولد باب ولد حمدي حديث ذو شجون، ذلك لعظم الرجل ومحورية دوره، وغزارة علمه وكثرة تآليفه،"مدونة لكوارب" ستتعرض لحياة الشيخ المختار عبر المحاور التالية
نسبه

هو المختار ولد باب ولد حمدي ولد المختار ولد الطالب أجود الشريف النسب الحاجي الأجودي، ولد سنة 1911م في بادية مقاطعة المذرذرة.
دراسته وأشياخه:
ولد المختار بن باب بن حمدي سنة 1329هـ الموافق 1919م في بادية مقاطعة المذرذرة، وقد توفي والده وهو لا يزال صغيرا. فتولت أمه السالمة بنت المختار الحاجية تربيته، حيث حفظ على يديها القرآن الكريم ودرس بعض المتون الأخرى ليتابع دراسة العلوم الشرعية واللغوية على علماء عصره، بدء بأقاربه من قبيلة "إدولحاج" من أمثال:
•     أحمد ابن المختار ابن عبد الله
•     محمد ولد المختار ولد أحمد ميلود
•     محنض باب ولد لمام
•     عيشة بنت المختار
وخارج قبيلته كان من أهم أشياخه: محمد الأمين ولد محمد مولود، أحمد مولود ولد أحمد فال اليعقوبي الموسوي، هذا بالإضافة إلى أنه أخذ القرآن عن المقرئ الكبير جدو ولد المين ولد الفاضل الكنتي وجالس العلامة المختار ولد ابلول الحاجي واستفاد منه كثيرا.
وقد عكف بتوجيه من شيخه محمد ولد المختار ولد أحمد مولود على دراسة فتاوى ومؤلفات علماء بأعيانهم كشيخه المذكور والشيخ عبد الله ولد مختارنا ولمرابط محمذن فال ولد متالي، وكتب محمد ولد أحمد الحاجي خاصة في علوم القرآن والعقيدة والتصوف.
وقد حصل العلامة مكتبة كبيرة طارفة وتالدة تشمل جميع الفنون تقريبا ما بين مطبوع ومخطوط وقد كانت هذه المكتبة سببا رئيسيا في استقراره في قرية "دار البركة" حين خشي عليها من تأثير حياة الحل والترحال.
نشاطه ومحظرته:
كانت للشيخ محظرة عامرة قرآنية وعلمية يدرس فيها كل الفنون تقريبا وهي امتداد لمحظرة أجداده، ولم يتوقف عن التدريس حتى في أيامه الأخيرة، فحفظ القرآن على يديه خلق كثير ونهل من معين علمه ما لايحصى من طلبة العلم،وكان يتكفل باحتياجات الطلبة، وأحيانا بحاجيات أسرهم، ولما افتتح المدرسة العصرية زاول التعليم فيها كمدرس للعلوم الشرعية والعربية، حتى تقاعد أواخر السبعينيات، فزاوج بين التعليمين العصري والأصلي.
وقد وقف من هذه المدارس موقفا منصفا فلم يطلق القول بتحريمها كما فعل البعض، إلا أنه أخرج منها أبناءه وتلامذته أيام امتداد الحراك السياسي والفكري وذيوع أفكار التيار اليساري في الستينات، حيث رأى أنها أصبحت تشكل خطرا على عقيدتهم ودينهم.
إلى جانب هذا فإنه كان آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر لا تاخذه لومة لائم في سبيل الحق ونصيحة المسلمين، وفي مكتبته توجد مسودات رسائل كثيرة أرسلها لأفراد وجماعات بلغوا عنهم ما يتوجب من نصيحة، بالإضافة إلى تآليفه في شتى المواضيع التي تهم طلبته ومحيطه.
مؤلفاته:
ترك المختار ولد باب مؤلفات كثيرة في شتى الفنون يطبعها جميعا طابع الوضوح والإفادة،ويمكن تسجيل ملاحظة هامة في تآليف  العلامة المختار ولد باب وهي انطلاقها من الهم العلمي الخاص به وبمحيطه ومحظرته وتظهر علوم القرآن التي كانت تدرس على نطاق واسع في محيطه القبلي،كأحد ركائز الاهتمام العلمي للشيخ المختار.
ويبدو أن الشيخ المختار كان ينطلق من المبدأ الشائع عند الفقهاء المسلمين وهو الاهتمام بواجب الوقت وتحصيل فقه النوازل الحاضرة أو الملمة،ويشهد لهذا السياق تأليفه في أحكام الردة،مع شيوع المد اليساري وما يشكله بالنسبة للذهنية الفقهية العامة من مخاطر على الاعتقاد.
ويظهر الأمر أجلى وأوضح في فتاواه بشأن صلاة الجمعة في قرى الزنوج السنغاليين،عندما حكم بعض الفقهاء بسقوطها عند ساكنة تلك الأراضي نظرا لجريان الرق ولاطراح أهلها لغالب ضوابط الشرع في التعامل،فيخالف الشيخ المختار هذا الطرح،ويقدم رؤية جديدة مبنية على اعتبار الأهمية للجمعة،واعتبار اتباع الرخص واتهام النيات وتعميم الأحكام الجزئية أو محلية السياق على كافة سكان بلاد السنغال أمرا يخالف الإنصاف أولا ويخالف مقاصد الشريعة التي دعت إلى إقامة الصلاة في كل فج،وبكل أرض.
وتظهر فتاوى الشيخ المختار ومنهجه في التعلم والتعليم أنه كان صاحب رؤية تجديدية استوعبت الإطار الفقهي المالكي بمختلف مدارسه وترجيحاته،دون أن تقف حبيسة لذلك الأثر الذي شكل الذهنية العامة للمدرسة العلمية الشنقيطية، ويشهد لهذا خروج الرجل في بعض فتاويه عن مشهور المذهب المالكي،وسعيه الدائب إلى أن تكون السنة النبوية دليله في كل ما يقوم به،ويؤكد أبناء الشيخ وتلامذته أنه كان حريصا على أن يؤدي كل سنة نبوية ثبتت له وإن خالفت مشهور المذهب المالكي.

ومن أهم هذه المؤلفات
القرآن وعلومه:
-      منظومة في آداب تعلم القرآن الكريم وهو نظم لجملة من الآداب تتعللق بالقرآن الكريم وردت في خاتمة الصاوي.
-      شرح منظومة "القول المعد في الرسم لا اللفظ يمد" للعلامة أحمد ولد محمد الحاجي.
العقيدة:
-      نظم في أحكام الردة: نظمه حين سئل عن أمور تتعلق بالعقيدة والردة أيام ظهور الأفكار الشيوعية في سبعينيات القرن الماضي.
-      نظم في العقيدة وشرح عليه
-      نظم في التوسل بأسماء الله الحسنى ذكر فيه عدد مرات ورود كل اسم في كل سورة من القرآن الكريم.
الفقه
-      نظم في مناسك الحج وفيه تفصيل لأحكام الحج انطلاقا من مذهب الإمام مالك رضي الله عنه.
-      نظم في حجة من منع السفر للحج في الطائرة والرد عليه بجوازه.
-      نظم في حكم صلاة الجمعة في القرى السينغالية خلف الأئمة السينغاليين بعد أن رأى عزوفا لدى الموريتانيين المقيمين في السينغال عن الصلاة خلف أولئك الأئمة تحت طائل من المبررات لايراها المؤلف مقنعة ولا مبررة لللتخلف عن صلاة الجمعة، وفي هذا النظم بين أن صلاة الجمعة واجبة على الموريتانيين المقيمين في السينغال.
-      بحث في صحة صلاة الجمعة في قرية دار البركة
-      نظم موجز وعليه شرح موجز كذلك في زكاة الحبوب، فقد كان المؤلف يقطن في منطقة زراعية مشهورة هي (شمامة)
-      نظم كتاب العول للقاضي أحمد طالب ولد لمرابط.
السيرة النبوية
-      قصيدة في خمس مائة بيت من البحر البسيط في السيرة (مفقودة)
-      احمرار على الغزوات للبدوي من البحر البسيط في السيرة (مفقود)
اللغة والعلوم:
-      نظم في رسم غير القرآن الكريم، وهذا النظم هو الذي نحن بصدد تحقيقه إن شاء الله تعالى
-      نظم في شرح الغريب والمشكل من لغة الكفاف سماه "مفتاح المشكلات لما في الكفاف من اللغات"
-      نظم في معاني الحروف (لم يكمله)
-      نظم في أصول الأدب العربي (لم يكمله)
فنون أخرى:
-      نظم في أنساب "إدولحاج القبلة" وهو نظم شامل ومستوعب.
-      نظم في أنساب قبائل العرب والعجم (ذكره المختار ولد حامدن في جزء الحياة الثقافية)
-      نظم في الطب
-      شرح على منظونة ابن زكري في علم الفلك يقع في وريقات
-      نظم في تاريخ الدولة الأموية في الأندلس.
هذا إضافة إلى فتاوى ونوازل فقهية مختلفة، وتقييدات وفوائد منظومة ومنثورة في مختلف المجالات، وله شعر جزل رصين في كثير من الأغراض وخاصة الرثاء.
أخلاقه وعبادته:
بحسب الشائع والمتداول في بيئة العلامة المختار ولد باب،فقد كان مضرب المثل في الورع، وقد كان كثير البكاء من خشية الله، لاسيما إذا قرأ القرآن أو انتهكت محارم الله.
وقد عرض عليه القضاء فامتنع عنه،بل عرض عليه التفتيش، فأبى ومنع أبناءه من التقدم إلى الوظائف التي فيها مسؤولية فاقتصروا على التعليم.
وظل الشيخ المختار يعتقد أن عمره رأس ماله الوحيد فلم يكن يقبل الفراغ ولا إضاعة وقته فيما لايؤدي إلى ازدياد في العلم والعمل،وكان بحسب طلابه يأخذ من سمت الصالحين ووصاياهم بأن يكون الغد خيرا من اليوم،واليوم خيرا من الأمس وكانت كل أوقاته معمورة بين التعليم والتعلم والمطالعة والعبادة والتصنيف،وكان قواما لليل كثير الدعاء بالأسحار وإذا أصبح جلس للصلاة إلى الظهر ثم يشتغل في المطالعة والكتابة واستمر على هذا الحال إلى وفاته، وكان لاتبلغه سنة عن النبي صلى الله عليه وسلم إلا بادر إلى فعلها، ولو كانت خارج مذهب مالك.
فمن ذلك عمله بالتمتع في الحج فقد حج ثلاث مرات تمتع في إحداها عملا بالأحاديث الصحيحة الواردة في التمتع، ومن ذلك القبض في الصلاة.وترك الرقية إلا بالنصوص الشرعية، وكانت له رقية أعجمية في لدغة الأفعى فتركها لأجل ذلك.
وقد كان بحكم البيئة شاذلي الطريقة من فرعها الناصري مع بعض التبصر الذي عرف به أشياخه الذين سلف ذكرهم، وقد يؤثر ظاهر الشريعة واتباع السنة والاقتصار على خبيئة من الأوراد المؤلفة من الأذكار الواردة في القرآن الكريم والسنة النبوية لتحلي الشخص بالفضائل الإيمانية ومراقبة الله سبحانه وتعالى في جميع الأمور والتخلي عن الرذائل الظاهرة والباطنة، مهما كانت وعدم التعصب إلا للسنة والشريعة وحسن الظن بجميع المسلمين.
علاقته بعلماء عصره وثناؤهم عليه:
كانت بينه وبين علماء عصره مراسلات وخصوصيات، ومن هؤلاء على سبيل المثال لا الحصر، العلامة المختار ولد ابلول والقاضي أحمد سالم ولد سيدي محمد والعلامة المختار ولد حامدن.
وفاته رحمه الله تعالى:
توفي العلامة المختار ولد باب رحمه الله تعالى فجر الاثنين 30 صفر سنة 1407هـ الموافق: 1986م ودفن في مفبرة "تكشكمبه" وهي تقع إلى الشمال الغربي من مدينة روصو على بعد 14 كلم.
وبوفاة الشيخ المختار ولد باب فقدت الموسوعية والقدرة المعرفية أحد أبرز شيوخها وجهابذتها المشهورين، رحمه الله تعالى رحمة واسعة وتقبله في الصالحين.

هناك 3 تعليقات:

  1. قال العلامة محنض باب بن اعبيد الديماني يرثى خاله وشيخه حمدي بن المختار بن الطالب أجود رحمهم الله تعالى
    أمسى تغيرَ بعدَ العهد گِيلاَلُهْ = واستَعْجمت أن تَرُدَّ النطقَ أطلالُهْ
    عفتْ مَعالِمَه هُوجٌ نَسفن به = نسفا وإمحاقُ شهرٍ ثُم إهْلاله
    وقفتُ فيها أُصيلالا على رمق = من اصطباري وقد ولَّى أصيلاله
    فكاد ينهلُّ دمعُ العينِ مِن طربٍ = والقلبُ أشواقُه قد كاد تَغتاله
    وقفت منها بِمُصطافٍ ألِفتُ به = شيخا تعزُّ على الأيام أمثاله
    به تُزال عن الحَيْران حيرتُه = وتنجلي عن كليل الفهْمِ أقْفاله
    ولن تَرى مُشكِلا يُجْـبَى لحضرته = من العويصات إلاّ زال إِشْكاله
    حامي حقائقِ دينِ الله مُمتثِلٌ = تكفي عنَ اقواله في الرّشْدِ أفعاله
    سقت سواري الصبا بكل منهمرٍ = وكلّ هطلاءَ مغنى هَلَّ إمحاله
    مغنًى ألِفتُ الأمانِي في معاهدِه = فكان حقّا عليَّ الدهرَ إِجلاله
    وليس إسبالُ دمعِي في مرابعه = إلا قليلا ولو أُديمَ إسبالُه
    ولا طوافي على أطلال دِمْنَتِه = ولا سلامي على المغنى وتَسْآله

    وعن خاله حمدي وجده الطالب أجود يقول محنض باب
    فمن يكُ أمسى أعجبته جدودُهُ = فإني وربِّ العرشِ جَدِّيَ أجْودُ
    ومن يك ذا خالٍ حميدٍ خصالُهُ = فإني بِحمْد الله خالِيَ أحْمدُ

    ويقول العلامة محمد فال ببها بن محمذن بن أحمد بن العاقل الديماني الأبهمي يمدح آل الطالب أجود ويخص بالذكر باب بن حمدي وابن أخيه باب بن محمذن بن حمدي
    حَيِّ دُورا فُوَيْقَ تِنْيِلْفَ وَابَا = لِرفيقَيْكَ أن يُهِيجا الرِّكابا
    وابْكِ دوراً حول الأُدَيْخِنِ أقْوتْ = ورُبوعاً حول الْجُذَيعِ يبَابَا
    لا تَسَلْها رَدَّ الجوابِ أليست = بِمغانِي مَن لا يَرُدُّ جوابا
    فلَكَم بتُّ فِي الْملاعبِ منها = قبل أن يُفْزِعَ الْمَشيبُ الشّبابا
    بين بِيض مُفنقاتٍ وغُرِّ = يتعاطون في الْمَجالس طَابا
    والليالِي مهْما على الْمرءِ مَرّتْ = وأَمَلّتْ أرتْهُ شيئا عُجابا
    عَدِّ عن أَعْصُرٍ ما لَها مِن مَعادٍ = واذْكُرِ الشيخَ بابَ والشيخَ بابا
    وجُدودا وَأعمَمِينَ كراما = جَدّدوا الدينَ سُنةً وكتابا
    وحَمَوْا سنةَ الْهدى بِمَوَاضٍ = من براهينَ يَلتهِبْنَ الْتِهابا
    لا يُسامِيهِمْ سوى مُتَعَامٍ = هل رأيتَ الشّعابَ تعْلُوا الْهِضابا
    أم رأيت الشِّيشَى من ابن حُبيقٍ = مثل ما طاب من جنِيبِ ابنِ طابا
    أرْأَبَ اللهُ صَدْعهُمْ وأَراهُمْ = فِي نواديهِمُ الصّوابَ صَوابا
    وأَرى فيهِمُ الحميمَ سُرورًا = وأَرى فيهِمُ العدُوَّ اكْتِئَابَا

    ردحذف
  2. ellah ijayik 3en ehel legwareb 5eyre el jeza ou ye36ik ere7,me wel 9ouvran

    ردحذف
  3. wellah elle we5yert ekbire

    ردحذف