20‏/03‏/2011

أحمد صو يتحدث لـ"الأخبار" عن أسرار مثيرة من تاريخ العسكر


فتح القائد العسكري في موريتانيا سابقا صو أحمد في مقابلة مع "الأخبار" ملفات مثيرة وسرية من تاريخ المؤسسة العسكرية في البلاد وتخطيطها لاحتلال السلطة المدنية، بالإضافة إلى حديثه في ملفات حساسة أخرى.

وأرجع "صو" الانقلابات في موريتانيا إلى صراع جهوي عنيف ظل محتدما بين قادة المؤسسة العسكرية البارزين، مما تسبب في موجة الانقلابات التي عرفتها البلاد منذ الاستقلال وحتى اليوم" كاشفا أن العسكر وضعوا ثلاث شعارات باكرا للوصل إلى السلطة، يذكرها في المقابلة.

من جانب آخر قال إن البعثيين يقفون وراء أحداث 1989 في موريتانيا التي أسفرت عن مخلفات فظيعة. رغم اتهام البعض لإسرائيل فيها، حسبه.


وتحدث صو الذي عمل مديرا لمدرسة الدرك ورئيسا للمنطقة العسكرية الثالثة، عن أسرار من تخطيط فرنسا مع معاوية ولد الطايع للانقلاب على محمد خونه ولد هيداله الذي كان يفكر في كل شيء إلا انقلاب من معاوية وفق صو. علاوة على شهادة نادرة عن حرب الصحراء التي خاضها لابسا زيه العسكري.


مسار عسكري ناجح


ولد صو أحمد عام 1943في قرية تنيدر قرب روصو ودخل مدرسة الدرك الوطني وعمره 21 سنة، قبل أن يعود إليها مدرسا في فترة لاحقة، ثم مديرا لها في عهد الرئيس الأسبق محمد خونه ولد هيداله.

شغل "صو" منصب قائد الدرك الوطني في العديد من مناطق موريتانيا، ورافق الكثير من السياسيين، حيث عمل – كما يقول في حواره المطول مع الأخبار – مع رئيس الجمعية الوطنية الحالي مسعود ولد بلخير عندما كان واليا في غورغل، وكذا نائبه الحالي العربي ولد جدين وكذا الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز في العام 1983، ثم رئيسا للمنطقة العسكرية الثالثة.

وعند وصول الرئيس الأسبق معاوية ولد الطايع إلى السلطة، عين رئيسا لسرية المرافقات، خدم المؤسس العسكرية أكثر من 30عاما، خرج منها بلا منزل رغم أن بعض رفاقه وصولوا حتى منصب رئاسة الدولة، وجمعوا المال الكثير.


حرب الصحراء.. شهادة قائد ميداني



يتحدث القائد العسكري صو أحمد في مقابلته مع "الأخبار" عن حرب الصحراء، ووضعية الجيش حينها، والمواقف الحرجة التي عايشها أثناء الحرب.

ويضيف " يمكن أن أقول إن الجيش خلال فترة حرب الصحراء لم يكن مؤهلا نهائيا لتلك الحرب، ولم تكن السلطة راغبة في قوة الجيش لأنها تخشى الانقلابات..وموريتانيا لم تكن تملك آليات ولا وسائل ولقد كنا حينها نسمع الكثير عن حب الوطن وأنه من الإيمان ولذلك دخل الكثيرون تلك الحرب دفاعا عن الوطن، شخصيا لا أحب أن أقول إن المختار ولد داداه قد أخطأ ..لاشك أنك تعرف أن هذا الرجل بنى موريتانيا من العدم وهو أبو الأمة، يمكن أن نذكر له دائما من الحسنات أنه بنى لنا وطنا كان يمكن للمغرب أن يستولي عليه أو يستولي عليه السنغاليون ".

وحول أهم الشخصيات التي أثرت فيه أثناء حرب الصحراء قال صو أحمد "إنه الرائد محمد الأمين ولد الزين دون شك القائد الشجاع لازلت أتذكر دخوله لمركز الداخلة الإداري ورفعه للعلم الموريتاني عليه،وإشرافه على التحية العسكرية أمام العلم الوطني قبل أن تعود الداخلة بعد ذلك إلى المغرب ضمن الاتفاق الذي أبرم بعد ذلك".


وواصل يقول "للأسف لقد مات الكثير، وهذه هي طبيعة الحروب، أتذكر أيضا من القادة الشجعان رئيسي السابق محمد الأمين ولد الزين، قبل أن يظهر كادير الذي كان يقود طائرته العسكرية".


الصراع داخل المؤسسة العسكرية


وأضاف "الانقلابات العسكرية التي عرفتها موريتانيا كانت طبيعة جدا ولا بد أن تقع، لقد وضع الجيش في صراع كبير بين قادته، وبعد أن أسقط الجيش الرئيس المختار ولد داداه، رفع العسكر ثلاث شعارات وطنية كبرى للاستمرار في حكم البلاد تدريجيا وهي:
هي بناء الهياكل الشعبية التي تساعد المواطن على توطيد الوحدة الوطنية،ثم بناء الاقتصاد،ثم بناء مؤسسات الدولة".


المرأة المتحكمة ودعم الكادحين


يؤكد "صو" أن عقيلة الرئيس الأسبق المختار ولد داداه كانت، متحكمة إلى حد كبير طيلة فترة حكم زوجها، وكانت معها "جماعة كبيرة من الكادحين ،وكانوا يسمون بكادحي مريم داداه، ولعل من أبرزهم الداه ولد عبد الجليل واسلم ولد عبد القادر والمصطفى ولد اعبيد الرحمن وببها ولد أحمد يوره وموسى افال، لكن حذار إن أطر الكادحين هم خير أطر موريتانيا،عندنا الآن السلفيون والناصريون والبعثيون .

لكن أطر الكادحين أحسن تكوينا من جميع هؤلاء..لقد تقاعد أكثر هؤلاء لكنهم الآن يعملون مستشارين في كثير من المؤسسات وذلك لأنهم تكونوا في زمن الشيوعية، وسيكونون في كل نظام وفي كل معارضة" يضيف صو، لكن هناك كادحون معارضون من بينهم محمد المصطفى ولد بدر الدين، لقد كان معارضا مشاكسا ومع ذلك من يسمعه الآن في البرلمان يعرف أنه لا يزال شخصا مشاكسا"يضيف صو.


وفاة المقدم محمد محمود ولد بوسيف


وحول الظروف التي توفي فيها المقدم محمد محمود ولد بوسيف يضيف صو"كنت في تلك الليلة التي مات فيها ولد بوسيف في بحث دءوب عن محمد المصطفى ولد بدر ورفيقه محمد يحظيه ولد ابريد الليل لقد ذكر لي أنهم وصلوا إلى أسرة هنا عند الكلم 15 ولكنني لم أتمكن من القبض عليهما، المهم أن الطائرة سقطت وتوفي ولد بوسيف ومعه عدد كبير من الضباط السامين، لا أعرف هل هي مدبرة أم لا لكن الأمر على كل ليس واضحا جدا...لا أعرف على كل حال..ربما تعرضت لتخريب، لكن في ظل التشكيك المتواصل في موريتانيا قيل إن ولد هيدالة كان يسعى إلى التخلص من كل مناوئيه وإلى الحصول على المساندة الشعبية، لقد انفتح حينها على الزنوج ورقاهم في الوظائف كما أعلن عن قانون إلغاء العبودية وشكل الهياكل الشعبية وغير ذلك ربما لأنه كان يسعى إلى سند شعبي في ظل افتقاده للسند العسكري والسياسي..إن وفاة ولد بوسيف ليست واضحة جدا ...لقد قيل الكثير الله أعلم".

كوماندوز 16مارس 1981 كيف وقع الحادث


وحول كماندوز 16 مارس يقول صو"رحم الله الجميع ..الكوماندوز الذي قاده أحمد سالم ولد سيدي ومحمد ولد عبد القادر المعروف بكادير وبقية المجموعة، وتكونت من مجموعة مدنية وأخرى عسكرية، وكانت لديهم علاقات بالمغرب، لقد كنت حينها في كيهيدي قائدا لكتيبة الدرك، لقد دخلوا حينها من جهة بودور ثم توجهوا إلى نواكشوط من أجل تنفيذ الانقلاب. وقتلوا بعد ذلك.

لقد كان قتلا مؤلما على كل حال، ولكن لم يتكلم حينها أي أحد وحتى إن هيدالة أراد حينها ترتيب البيت الأميري في الترارزة عبر محاولة تعيين أمير جديد، لقد اعتقل هيدالة الأمير العظيم حبيب ولد أحمد سالم رحم الله الجميع، لاشك أن الأمر كان مؤسفا وأن العناصر الأساسية أصبحوا الآن شيوخا جميعا...إنه التاريخ كل الذين صنعوه أصبحوا اليوم شيوخا أو أصبحوا تحت طبقات الأرض ...سبحان الله الأمير احبيب ولد أحمد سالم رحل عن الدنيا وأحمد سالم ولد سيدي قتل ومانه أصبحت امرأة مسنة ..وولد هيدالة لم يعد رئيسا لكن هكذا الدهر، لا شك في ذلك القتل صعب على النفوس بشكل عام ..وخصوصا بالنسبة لأهل الترارزة عندما يتعلق الأمر بشخص مثل أحمد سالم ولد سيدي ..إنه ابن الإمارة التروزية ذات التاريخ العتيق ...ومع على ذلك القصاص واجب ومن قتل يجب أن يقتل، والمجموعة جاءت من أجل القتل ربما تكون قد فشلت في ذلك ..وولد هيدالة كان يرفع شعار تطبيق الشريعة الإسلامية وأعتقد أن هذا الشعار لو طبق بشكل دائم لقطعت أيديكم وأيدي آبائكم جميعا وأنا أعرف هنا شخصا لا يزال يقيم الآن في روصو قطع ولد هيدالة يده حينئذ لأنه قد سرق ما يستحق القطع"


انقلاب رجل المخابرات القوى


ويتحدث صو عن الرئيس الموريتاني الأسبق معاوية ولد الطايع الذي عرفه عن قرب قائلا "معاوية رجل مخابرات قوي ولم يتفق مع القادة العسكريين الكبار وقد عزلوه مرة لمدة شهرين وبقي في منزله، وعندما جاء ولد هيدالة عينه رئيسا للوزراء، وأذكر مرة أنه ذهب في وداع لعسكري فرنسي هو الجنرال جانو لاكاز الذي توفي كما سمعت بعد الإطاحة بولد الطايع، وفي وداعه صافحه لاكاز وقال له بالفرنسية ’’ إلى لقاء سعيد’’ قلت يومها : ويله لقد خطط لانقلاب’’ كما يعرف الجميع فإن لا كاز هو المسؤول عن أكثر الانقلابات العسكرية في إفريقيا كان ولد هيدالة حينها في بوجمبورا، وعندما علم بأن معاوية قد أطاح به استغرب جدا وقال : معاوية يطيح بنا أنا أمر غريب لقد نسي أن الرجال يمكن أن يقوموا بكل شيئ.

في الفترة الأولى لمعاوية ولد سيدي أحمد الطايع كانت هنالك مشكلات كثيرة، لقد أبعد كل أوليك الذين كان يخاف منهم سفراء في الخارج واختار شبابا جددا من أجل الاعتماد عليهم من بينهم انه ولد عبد المالك وولاد ولد حيمدون وآخرون كثر.


ولد الطايع والضباط البعثيين


ويؤكد صو أن ولد الطايع طرد العديد من عناصر البعثيين من المؤسسة العسكرية ويضيف "بالفعل عمل ولد الطايع على طرد العديد من الضباط البعثيين من المؤسسة العسكرية، لقد كان للبعثيين تنظيم في موريتانيا وكانوا يتبعون لصدام حسين ولديهم خلايا متعددة، وأذكر الكثير ممن طردوا من المؤسسة العسكرية في تلك الفترة، العقيد عبد القادر ولد الناجي الذي كان حاكما في شوم، وكنت حينها قائدا لفرقة الدرك في أطار، وكان الوالي المرحوم أحمد ولد أجه، وعلمنا أن الحاكم عبد القادر حول شوم إلى عراق صغير، لقد شكلنا لجنة وذهبنا إلى شوم من ضمنها مسؤولون عسكريون ومدير التعليم في الولاية.

وكان الفقيه الحالي باب ولد معط مدنيا مديرا للمدرسة، وكان يسكن مع الحاكم ولا يدرس التلاميذ إلا مبادئ البعثية لا أكثر، ويتلقى راتبه كل شهر.

لقد قلت حينها : إن المسؤولية يتحملها عبد القادر ولد الناجي باعتباره حاكم المدينة، لقد اعتبر باب ولد معط حينها إنني أنقذته من ورطة ولا يزال يعترف لي بذلك في كل مرة حينما ألتقي به.

لقد كان لهم قادة كبار من بينهم ممد ولد أحمد ومحمد يحظيه ولد ابريد الليل وكثير آخرون قد علمت أنهم كتبوا بعض تاريخهم بعد ذلك، وتحدثوا عن بعض خلافاتهم وعلى كل حال من حق الأجيال التالية أن يعرفوا هذا التاريخ بشكل كامل".


أحداث 1989 بين موريتانيا والسنغال


"وعن أحداث 1989 قال صو "في تلك الفترة كان الوالي الكادح الداه ولد عبد الجليل واليا حينها على كيدي ماغا، وقد بدأت الأزمة صراعا بسيطا بين طرفين لا يمكن أن يتفقا وهما الرعاة والمزارعون لا أكثر.

لقد قيل حينها إن إسرائيل تقف وراء تلك الأزمة، وقيل العراق والبعثيون، لقد قيل الكثير..وربما يكون الكادحون كما يشاع غير بعيدين من تلك الأزمة.

وقد سفر الكثير من الموريتانيين، وطردوا خارج البلد واستولى البعض على ممتلكاتهم، لقد كان نائبي حينها المقدم انكيدا مختار أحد المتهمين بالتورط في محاولة انقلاب لها علاقة بالأزمة، وأظن أنه قتل اثنان على ما أتذكر.

لقد تلقيت حينها تهديدا من بعض الذين كانوا يتصلون علي ويقولون لي : إن صو دينا سيتم تسفيره ..كانوا يريدون تخويفي ..صو دينا حينها أعطى بعض المدافع التقليدية الضعيفة لبعض الشيوخ من قبيلتنا كان يظن أنهم سيدافعون عن الضفة.

وعموما المبعدون عادوا إلى وطنهم، واستقبلوا في البلاد وتنتهي الأزمة وتكون فترة من التاريخ الماضي يجب أن يستفيد منها الجميع لكن هنالك أيضا أطراف لا تريد للأزمة أن تنتهي..لكن يجب أن ينتهي كل ذلك".

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق