24‏/05‏/2011

الخبز في روصو .. بين صحة المستهلك ومصلحة المستثمر

تعتبر مادة الخبز من أهم المواد الغذائية وأكثرها استهلاكا، فهي وجبة مستقلة في حد ذاتها يستوي في استهلاكها الغني والفقير، كما أنها مكون أساسي في كثير من الوجبات الأخرى، بل إن الخبز يعتبر ملجأ ومأوى يلجأ إليه الفقراء وضعفاء الناس في كثير من الحالات نظرا لتوفره ورخاصة سعره مقارنة مع غيره من الأغذية.

لذلك ظلت هذه المادة على مر التاريخ تتربع على عرش المواد الغذائية الأكثر استهلاكا، كما أن أي زيادة في سعرها أو انقراض لها من السوق يؤدي في حالات عدة إلى أزمات اجتماعية واقتصادية تستدعي من الدول والحكومات حالة استنفار شديدة، كما وقع في إضرابات الخبز المشهورة سنة 1995م في انوكشوط، وما وقع مؤخرا في بعض مناطق بلادنا الشرقية.

ونتيجة لأهمية هذه المادة ومكانتها المحورية في حياة الناس اليومية شكلت مجالا اقتصاديا خصبا للاستثمار، الأمر الذي جعل كثيرا من التجار يستثمرون فيها ويتنافسون في تشييد المخابز، فأسست الاتحادية لتكون إطارا شاملا يضمن لأصحاب المخابز التنظيم والاستمرارية ودوام دخل ربحي ثابت.

وبعد انقلاب 2005م الذي أطاح بنظام ولد الطائع انهارت اتحادية المخابز كغيرها من الاتحاديات الأخرى، لتختلط الأوراق ويعود التنافس من جديد بين أصحاب المخابز، ولم يكن فرع الاتحادية في روصو استثناء من غيره فقد انهار هو الآخر ليحتدم الصراع القوي بين المنتجين للخبز في المدينة، وقد استفاد المواطن البسيط كثيرا من هذا التنافس حيث تراجعت أسعار الخبز بنسبة 50% وازدادت جودته وارتفع وزنه.

غير أن القائمين على المخابز سرعان ما أنهكهم التنافس فأدركوا أن مصلحتهم تقتضي العودة إلى نظام الاتحادية من جديد، وهو ما حدث بالفعل وإن بشكل أضعف من السابق إلا أن المصلحة المشتركة أرغمتهم على ذلك.

الاتحادية غطاء للمخابز المتهالكة ..
إن أكثر المستفيدين من نظام الاتحادية هم أصحاب المخابز القديمة المتهالكة، ذلك أن قيام هذا النظام يضمن لهم إنتاج حصة ثابتة تتولى الاتحادية تسويقها ويرغم أصحاب الحوانيت والمواطنون البسطاء على شرائها مكرهين، لغياب البديل أو انعدامه، ويعني انهيار الاتحادية انهيار هذه المخابز بشكل مباشر لعدم قدرتها على الصمود في جو تنافسي يرتكز على الجودة ورخاصة السعر ولا يثبت فيه إلا الأقوياء، وهو ما يعجز عنه هؤلاء.

في حي الصطارة تعمل إحدى هذه المخابز وقد مضى من عمرها أكثر من 40 سنة، فانتهى أجلها الافتراضي وأصبحت تشكل خطرا على المواطنين بإنتاجها الذي لا يصل إلى المستوى المطلوب ولا يخضع لمعايير الخبز العادي، الشيء الذي جعل جارتنا الجنوبية (السنغال) تفرض عليها ضرائب باهظة وتمنعها من الإنتاج، ولم يكلف الأمر مالك هذه المخبزة أكثر من نقلها إلى مدينة روصو، ليزج بها في سوق المخابز دون أدنى رقيب، والاتحادية كفيلة له بتسويق منتوجها مهما كانت درجة رداءته وليذهب المستهلك إلى الجحيم.

مخابز الحطب تدخل خط المنافسة ..
نظرا لتدني جودة الخبز الذي تنتجه المخابز الكهربائية أصبح كثير من المواطنين يلجؤون إلى "خبز الحطب" ويفضلونه على غيره ويعتبرونه أكثر جودة.

 لذلك أصبح هذا النوع من الخبز ميدانا محتدم الصراع بين صغار المسوقين الذين يحمل أغلبهم جنسيات إفريقية أجنبية.

"أمدو" شاب يحمل الجنسية الغينية ويعمل منذ فترة بائعا لخبز الحطب عند محطات توقف الناقلين، رافقناه وهو يبيع خبزه على عربته اليدوية، فأكد أن حركة خبز الحطب ممتازة ومرضية إلا أنه يتحفظ على ذكر بيعه اليومي خوفا من "العين"، غير أن أحد مشاركيه في تسويق هذه المادة يؤكد أن معدل بيعه اليومي يقدر بـ 300 خبزة على أن لديه منافسين كثرا في بيع خبز الحطب، مما يثبت أن مستهلكي هذا النوع من الخبز في ازدياد يومي.

أما أحمد (أحد الموطنين في مدينة روصو) فيقول إنه هجر الخبز الكهربائي منذ فترة طويلة وأصبح يعتمد بشكل كامل على خبز الحطب ويرى أنه أكثر جودة من غيره.

بينما يرى "ك" (صاحب حانوت في حي الصطارة) أن الخبز الكهربائي ـ على الرغم من تدنيه ـ لا يزال مفضلا لدى أغلب الزبناء ويستهلك أكثر من غيره، ثم يستدرك قائلا: "إن فئات الخبز تختلف في الجودة والرداءة"، معتبرا "أن فئة 100 أوقية يمكن الجزم بجودتها المطلقة دون سواها".

غير أن بعض المراقبين المهتمين بهذا المجال يأخذ على مخابز الحطب انتشار الفوضوية واعتماد أصحابها في حالات كثيرة على دقيق "الفارين" المنتهية صلاحيته.

غياب الرقيب قاسم مشترك ..
إن القاسم المشترك الذي يجمع بين كافة المخابز بأنواعها المختلفة في مدينة روصو هو الغياب المطلق لجهة الرقابة، وإن كان هناك حضور رقابي فهو لا يتجاوز مظاهر شكلية لا وجود حقيقي لها على أرض الواقع، حيث تحكم كل هذه المخابز بقوانين تضبط العمل وتحكم التسيير ولكن دون تفعيل حقيقي لهذه القوانين، فالأغلب أن يتم التحايل والالتفاف عليها مقابل رشاوى واتفاقيات توقع تحت الطاولة وتدار من وراء الكواليس.

ففي اتحادية المخابز يوجد أكثر من طرف بدءا بحماية المستهلك الجهة المسؤولة عن مراقبة جودة المادة وملاءمتها للمعايير المطلوبة ومدى صلاحيتها للاستهلاك، ومرورا بقسم الشرطة، وانتهاء بأطراف أخرى ..

ولكن كل هذه الأطراف لها هم أكبر وأعظم من صحة المستهلك بل ومن حياته، والمقصود هنا المردود المادي والدخل الشهري الذي يزداد وينمو بازدياد ونمو المخالفات، فهو وحده المعيار السليم والمقياس الصحيح، وليكن بعد ذلك ما يكون.

وفي مخابز الحطب تتحكم الفوضوية بشكل أكثر وضوحا ويغيب الرقيب تماما، فالحبل ملقى على الغارب وليفعل الخباز ما يشاء وليستخدم الدقيق المنتهية صلاحيته، فلا رقابة ولا متابعة ولا تحقيق ما دام يدفع الضرائب المطلوبة و"غير المطلوبة".

استثناء يؤكد القاعدة ..
يحسب لأصحاب المخابز محافظتهم على استقرار أسعار الخبز رغم الارتفاع المذهل للأسعار الذي شهدته أخيرا مادة "الفارين"، حيث وصل ثمن الطن الواحد 182000 أوقية بدل  118000 أوقية التي كان يباع بها الطن قبل أقل من سنة، وإن كانت السلطات هي من أوعز إليهم بذلك مقابل بيع "الفارين" لهم بسعر مخفض، وهو أمر يقول بعض القائمين على المخابز إنه لم يتحقق حتى الساعة.

كما يسجل لصالحهم زيادة الوزن التي قررتها اتحادية المخابز الشهر الماضي، فأصبحت الخنشة الواحدة تنتج 460 خبزة من فئة 50 أوقية بدل 565 خبزة من نفس الفئة، وهو ما يعني زيادة معتبرة في وزن الخبزة الواحدة.

ويجدر التنبيه هنا إلى أنه يوجد من بين المخابز العاملة في المدينة بعض يعمل في ظروف جيدة وينتج بشكل مقبول.

إلا أن كل ذلك يبقى مجرد استثناء يؤكد صحة القاعدة ما لم تصاحبه إجراءات صارمة ومتابعة حقيقية تستهدف جودة المادة وتراعي صحة المستهلك، بعيدا عن المآرب الشخصية والمواقف البركماتية التي هي أساس الفساد ومكمن الداء.

هناك تعليقان (2):

  1. وااااااااااااااااااااا امسكينين كسحو ما علق الهم حد اعل امبور ولا اخسر شي اعل المخابز
    مدونة روصو انتوم اسغار مزلت وووووووووووووو كسحو

    ردحذف
  2. محلل انبوراوي30 مايو 2011 في 3:42 م

    منصاب للناس ماعلقت الهم بيهل انبور ذل كتب هوم عن خوف الناس إلين شكت الناس عن التعليق اعليه إضر بالصحة كيف أكيل

    ردحذف