19‏/07‏/2011

سكان الكلم 6.."في الحفرة يبولون .. ومنها يشربون .. ولهم فيها مآرب أخرى" (صور)



العائدون يغسلون الألبسة ويستحمون في الحفرة ومنها يشربون (لكوارب)
"لكوارب" تعاني الأسر العائدة من السينغال ظروفا صعبة في مناطق إيوائها الموجودة تحديدا عند الكلم 6 من مدينة روصو عاصمة ولاية الترارزة .

وتبقى  المياه الصالحة للشرب، وفقدان الرعاية الصحية، وغياب فرص التشغيل من  أكثر المشاكل التي يعانيها العائدون  بعد سنوات طويلة من المنفى الإجباري.

ويتحدث  سكان الحي  عن ظروف صعبة  جعلتهم  يركنون  إلى شرب  المياه الملوثة، بعد أن  فشلت السلطات المعنية في الاستمرار بتزويد أحياء العودة  بالمياه الصالحة للشرب، وبعد أن يئس سكان هذه الأحياء من أي  تحقيق للوعود الكثيرة  التي  وعدت بها السلطات الرسمية  أيام العودة، وأكدت  مرارا  أن  حالتهم  ستتغير نحو الأحسن مع الوقت . 

ويقول  أحد  العائدين مبررا استخدام المياه الملوثة، "ما باليد حيلة  فالكل يعرف  المخاطر المترتبة على  استخدام هذه المياه، لكننا  مجبرون  على  استخدامها  بسبب غياب  أية بدائل أخرى".

ويتحدث  شيخ الحي عن سلسلة من الوعود التي قطعتها السلطات المعنية على نفسها لكنها لا تزال حتى كتابة هذه الأسطر عاجزة عن الوفاء بها.

الماء "عصب الحياة" المفقود

سكان الكلم 6  اضطروا  إلى شراء المياه الملوثة  التي يتم جلبها من "الجهرة"  للحي، وهي بالمناسبة حفرة حفرها أحد كبار المزارعين لتأمين وصول الماء إلى مزارعه، وهي بدون شك ملوثة بالأسمدة المستخدمة في استصلاح الزراعة.

ويقول "سعيد ولد الشيخ" وهو  شاب في عمر الزهور،  إنه تضرر كثيرا من استخدام هذه المياه، مطالبا  بتصفيتها  لما سببته له  من  أذى.

ويشير سعيد إلى أن غالبية  أطفال الحي  مصابون بأمراض خطيرة سببها استخدامهم  للمياه الملوثة،  وأنهم  يتبولون  الدم  في بعض الأحيان.

"خديجة" التي تعمل منهمكة في تنظيف ملابس أطفالها على شفى تلك "الجهرة"، تنفي  أي علم لها  بإنجازات السلطات البلدية، قائلة "لم يزرنا هنا أي مسؤول حكومي ليرى بعينه أوضاعنا السيئة، والماء الذي نستهلك بشكل يومي، والذي يؤثر بدون شك على صحتنا وصحة أطفالنا".

وتؤكد خديجة أن الكثير من الناس  أصيبوا بالأمراض الباطنية، وبصعوبة التبول، بسبب  الماء الملوث.

"محمد ولد سيد يا" أصابه المرض، وعانى لفترة طويلة من تبول الدم، واضطر أن يلجأ إلى مستشفي روصو  لشراء  العلاجات  المضادة لهذا المرض، والتي يبلغ  سعر القرص الواحد منها 500أوقية، وهو ثمن باهظ بالنسبة لولد سيد يا العاطل عن العمل.

مياه ملوثة .. لكن أسعارها باهظة

سكان الحي لايمكنهم الحصول على هذه المياه الملوثة بسهولة، فـ (20 لترا) منها يباع  (ب 50 أوقية).

الداه ولد أحمد فال بائع مياه (لكوارب
يقول "الداه ولد أحمد فال" وهو بائع مياه "إن الذين يشترون هذه المياه يقومون بتعقيمها أحيانا".

ويرفض الداه الإفصاح  عن عدد  ليترات الماء التي يبيعها يوميا، قائلا "الله أعلم، فأنا أخاف العين"، ورغم كل ذلك فإن الداه يعترف أن هذه  الوضعية مزرية جدا،  ولم يكن ليلجأ لها في حالة وجود  البديل.

علي موسي صو  مسؤول حي الكلم 6 للعائدين:
"لم نعد نثق بتعهدات السلطات الرسمية"


شيخ الحي علي موسي صو يؤكد في تصريح لـ"مدونة لكوارب" أن السكان اضطروا إلى استخدام مياه  هذه الحفرة رغم مخاطرها  الصحية الكثيرة  والتي  تظهر أعراضها على غالبية  سكان حيه.

ويقول السيد علي صو  "نحن نشرب مياه البحر بسبب وجود حنفية واحدة  يصطف  الناس حولها منذ الساعة السادسة صباحا وحتى أوقات متأخرة من الليل، وبالكاد  نحصل على  ما يسد الرمق"،  مضيفا أن هذه الوضعية مزرية، وأن المسؤولون وعدوا كثيرا  بزيادة ضخ الماء  لكنها  وعود لم تتحقق حتى الساعة.
شيخ الحي علي موسي صو (لكوارب)


ويؤكد "موسي صو" ظهور  العديد من الأمراض المتعلقة  باستخدام المياه الملوثة، كالإسهالات، والبلهاريسيا، والأمراض الجلدية، مشيرا إلى أن سكان الحي يتوجهون إلى مستشفى روصو لتناول  العلاجات الضرورية، ويرتفع  سعر  "التاكسي"  في بعض الأحيان الحرجة ليصل إلى 3000أوقية.

ويرى السيد صو، أن عدم الحصول  على وثائق الحالة المدنية، واستعادة القطع الأرضية المنزوعة من أصحابها، تبقى  من أهم المشاكل  المطروحة لسكان الكلم6.

ويقول "موسى علي صو"  إن الوكالة الوطنية لدعم اللاجئين وزعت  قطعانا من البقر، وفتحت  بعض الدكاكين،  لكن كل ذلك  ليس كافيا  لمواساة  السكان المعوزين، والبالغ عددهم حوالي 500 نسمة .

ويختتم علي صو حديثه لمدونة لكوارب بالقول:" إن  كافة شباب  هذا الحي يعانون من مخلفات البطالة، ويذهبون يوميا إلى مركز المدينة لمزاولة  بعض  الأعمال  التي  لا تسمن ولا تغني من جوع".

حنفية الحي .. طوابير في إنتظار قطرة ماء
مجموعة تنتظر ماقل من ماء تجود به الحنفية (لكوارب)
عند حنفية الحي  مجموعة من النسوة وبعض شباب الحي،  الذين ينتظرن دورهن  في الحصول  على  ما قل  من ماء  تجود به الحنفية  المعروفة  ببطئ الضخ اليومي.

"التقي"  العامل في بيع الماء يقول لـ"مندونة لكوارب"، إنه تعود  الانتظار من التاسعة صباحا وحتى الثانية عشر زوالا،  ويشتري من الحنفية (20 لترا) ب 10أواق،  إلا أن حصته اليومية لا تتجاوز 20 لترا، أو30 لترا في بعض الأحيان، وبعد ذلك  يقوم ببيعه للأسر ب 50 أوقية .

السيدة "فاطمة" مسؤولة عن الحنفية، تؤكد لمدونة لكوارب  أن  المداومة  تتم من الصباح الباكر وحتى الثانية ظهرا، ثم تعود الساعة الخامسة وتستمر  حتى منتصف الليل، ومع ذلك فإن دخلها اليومي لا يتجاوز 4000 أوقية.

وتشكو  "فاطمة" من التقطع المتكرر للماء، وضعف  ضخ  الموجود منه .

ويشكو  "أحمد بزيد" بدوره من صعوبة الحصول على الماء الصالح للشرب، مؤكدا أن الانقطاعات المتكررة تفاقم الوضع أكثر.

"موسى" وهو يجمع حصته اليومية من السمك (لكوارب)
وفي "الجهرة" مآرب أخرى لسكان الحي، فقد تصادف وصول مندوب مدونة لكوارب مع "موسى" وهو يجمع حصته اليومية من السمك، والتي تمكن من إصطيادها، ويصل دخل "موسى" من سمك الحفرة في بعض الأحيان 600 أوقية يوميا رغم الطرق البدائية جدا التي يصطاد بها موسى السمك الصغير.

ويتم بيع "السمك الصغير" لسكان الحي، الذين يقبلون عليه في ظل غياب بدائل أخرى، فغالبية سكان الحي لامعيل لهم.

تعهدات كثيرة ولكن ..

وعود وتعهدات كثيرة مافتئت السلطات تطلقها بين الفينة والأخرى، ولكن الواقع المر لسكان هذا الحي يؤكد أن التعهدات لاتزال عالقة رغم أن سكان الحي لم تبقى لهم أي ثقة بتعهدات السلطات الرسمية.

وتبقى حفرة الحي هي الملجأ الوحيد لسكان يعانون الغبن والعطش على أرض وطنهم، ففي تلك "الحفرة"، يبولون، ويغسلون ملابسهم، ويصطادون ما جادت به من سمك، ويسدون رمق صغارهم ويأخذون إحتياجاتهم اليومية من ماءها الملوث، "منظر مقرف - يقول أحد رواد الجهرة – لكن ما باليد حيلة، فحين يستحيل الواقع لابد من تجربة المستحيل".







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق