25‏/06‏/2011

حي كرل.. عندما تتحطم أحلام العودة على صخرة الإهمال

الشيخ أمدو جلو رئيس قرية كرل
"نحن لم نعد نرغب في الحديث عن هذه المشاكل فقد تكلمنا كثيرا .. ووعدنا كثيرا ولم يتحقق أي شيء من تلك الوعود ، حملنا همومنا إلى أكبر هرم في السلطة.. وتحدثنا إلى الصحفيين.. ولكن معاناتنا لم تجد طريقها للانفراج.

بهذه الكلمات يختصر الشيخ أمدو جلو رئيس قرية كرل (الكلم3 شمالي روصو) مأساة العائدين من السينغال بعد 19 سنة من المنفى الإجباري إثر الاضطرابات السياسية التي هزت موريتانيا مطلع التسعينات

.

مهمة إقناع العائدين بالحديث إلى الصحافة للبوح عن أتراحهم أصبحت مهمة مستعصية ، فقد ملوا النداءات والاستغاثات والوعود البراقة ، فهي بالنسبة لهم ـ كما الوعود الرسمية ـ لا تغني من الحق شيئا ، ولا تغير من الواقع مثقال ذرة.

يرى أمدو جلو أن أزمة الماء الصالح للشرب ، وفرص التشغيل ، والحصول على الأراضي الصالحة للزراعة ، وقبل ذلك وثائق مدنية تطمئن أبناء هذه الأرض أن رحلة المعاناة لن يكتب لها أن تتكرر من جديد ، أهم مطالب العائدين إلى الوطن ، غير أن تلك الأحلام تظل أملا بانتظار من يحققه.


في انتظار الوعود
من أكبر المشاكل التي يعاني منها مبعدو كورل عدم توفير بطاقة الهوية و القطع الأرضية
 من أكبر المشاكل التي يعاني منها مبعدو كورل عدم توفير بطاقة الهوية و القطع الأرضية (ألأخبار)
ويقول سكان "كرل" إن أزمة السكن والأرض هي أبرز ما يتطلعون إليه ، فهم لم يستلموا أي قطعة أرضية في منطقة يعتمد أغلب ساكنيها على الزراعة مصدرا وحيدا للدخل ، مما اضطرهم إلى التطفل على جيران تعرفوا عليهم قبل نكبة 1989 ليتنازلوا لهم عن قطعة أرضية محدودة تبعد منهم 17 كلم ، يقطعونها يوميا على عربات الحمير أوسيرا على الأقدام.

ويطالب أبناء الحي السلطات الرسمية بنصيب في المنطقة الزراعية التي يجري الآن استصلاحها من طرف شركة (SNAAT) لصالح بعض حملة الشهادات العاطلين عن العمل ، خصوصا أنها لا تبعد من قريتهم سوى أمتار معدودة.

مشاكل الأرض
شيخ الحي قال إنهم لم يحصلوا إلا على مساعدات بسيطة لاتمثل شيئا بالمقارنة مع الوعود الكبيرة التي سمعوها
و يقول عبد الله جلو أحد أعيان الحي: "لم يعد بإمكان أبنائنا المتزوجين حديثا بناء أخبية خاصة بهم نتيجة لضيق مساحة القرية ، لذا أصبح من المألوف أن تجد الجد وأحفاده وهم يتكدسون في غرفة واحدة مرغمين".

ويحصر جلو أمدو التدخلات الرسمية في حنفية شيدتها منظمة غوث اللاجئين ، وبعض الفصول المدرسية التي لم يكتمل بناؤها حتى الساعة ، إضافة إلى طاحنة حبوب ، وتوزيع بقرات على بعض أسر الحي من طرف الوكالة الوطنية لدعم وتشغيل اللاجئين .
بعض سكان الحي خلال حديثهم مع الأخبار

بعض سكان الحي خلال حديثهم مع الأخبار
ويقول شيخ الحي موجها الخطاب إلى الرئيس الموريتاني قبل زيارته مدينة روصو "إن مشاكلنا الكثيرة لا تزال تنتظر وعودكم ، ونتمنى أن تتحقق في أسرع وقت ممكن".

لأطفال الحي آمال أخرى وهم يبدأون عطلتهم الصيفية الثالثة منذ عودتهم إلى أرض الوطن ، يلعبون في أطراف الحي ويمرحون رغم الألم المسيطر على ساكنيه ، يتذوقون طعم الحرية على أديم هذه الأرض التي حرموا من ترابها لسنوات عديدة .

يلعبون كرة القدم ويتفننون في ضروب الألعاب الشعبية ، ويتناسون معاناتهم إلى حين.

فرغم أن غالبيتهم ولدوا على أرض دولة أخرى ، لكن الآباء كانوا يروون لهم في المنفى قصصا وتاريخا يزرع في نفوسهم البريئة التعلق بوطنهم الأم (موريتانيا) ، كانوا يهمسون في آذانهم ـ وهم يتخللون أزقة "كبات" السنغال وراء الضفة الأخرى ـ أنتم غرباء في هذه الأرض ووطنكم الوحيد هو موريتانيا .
وكالة أنباء الأخبار المستقلة

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق