01‏/03‏/2011

مظاهر التواصل بين الضفتين1.. (تكافل)

عبارة روصو .. همزة وصل بين الضفتين (تصوير لكوارب)
بحكم موقعها الجغرافي على ضفة النهر السنغالي تعتبر مدينة روصو نقطة عبور مهمة وجسرا أساسيا للتواصل بين موريتانيا وجارتها السنغال, ذلك التواصل الذي لم يقتصر على الجانب الاقتصادي فحسب وإنما تجاوزه ليشكل نسيجا اجتماعيا وثقافيا قويا ربط بين الضفتين منذ أمد ليس بالقصير, لذلك ليس من الغريب أن تجد أسرة في إحدى الضفتين وهي مكونة من أب موريتاني وأم سنغالية أوالعكس, وليس مظهرا غريبا أن ترى بائعا متجولا أو طالبا للصدقة في شوارع روصو ومقيله بين الأهل هناك في السنغال.
ولقد شكل الإسلام عنصرا هاما وأساسيا في دعم وتقوية التقارب الثقافي بين الشعبين, مما زاد هذا التواصل قوة وتماسكا وصل إلى حد التمازج أحيانا, بل إن الحقيقة الواقعية تجعل المراقب يجزم بأنهما شعب واحد موزع بين دولتين فرقت بينهما الحدود.
مدونة لكوارب تتحف قراءها الكرام بسلسلة تقارير وتحقيقات ومقابلات تستجلي من خلالها "مظاهر التواصل بين الضفتين"وتسلط الضوء على مخلتف جوانب هذا التواصل ثقافية كانت أو اجتماعية أو اقتصادية أو ... .

ونستهل هذه السلسلة بمقابلة مع السيد الحاج مالك انيجك أو شاعر الضفة كما يلقب نفسه, يتحدث اللغة العربية الفصحى, وهو أحد مواطني جارتنا الجنوبية, طالب صدقة أخرجه الفقر و أرغمته الفاقة على الهجرة من أحب البقاع إلى قلبه, تلك البلدة التي أكل فيها"ياي بوي" مشويا(نوعا من السمك) كانت تشويه له جدته افاتوانينك, وفي أحضان هذه الجدة وعلى ثرى تلك البلدة شرب "كافه طوبى" في أيام صباه كما يقول, قدم إلى روصو من "دكــــان" إحدى البلديات السنغالية الواقعة على الحدود مع موريتانيا.
وهذا نص المقابلة:

لكوارب: متى قدمت إلى روصو؟

 لكوارب تصحب مالك  في أسواق روصو (تصوير لكوارب)

مالك: قدمت منذ أربعة أعوام
 لكوارب : ماذا تطلب ؟
 مالك: أطلب الصدقة فقط
لكوارب : في العادة إنما يكون التغرب لطلب العمل؟
 مالك:  نعم لكن الصدقة في موريتانيا أيسر منها في السنغال
لكوارب: هل ثمة مقارنة بين ما تجنيه في السنغال وفي موريتانيا؟
مالك:  نعم وجدت أن المتصدق في السنغال يعطي أقل من المتصدق الموريتاني, فقد تجد في موريتانيا من يعطيك ألفا أو ألفي أوقية أو أكثر, وأتذكر أن امرأتي تلقت خمسة آلاف ذات مرة من رجل واحد دفعة واحدة وهذا لم أره قط في السنغال، وجميع الموريتانيين يتصدقون نساء ورجالا وأطفالا, والموريتاني يتصدق لليوم مرتين بخلاف السنغالي, وأوقات الصدقة في موريتانيا مفتوحة, وللصدقة في السنغال وقت واحد وهو الصباح الباكر.
لكوارب: هل سمعت بهذا من أحد زملائك مما دفع بك إلى روصو؟
 مالك: نعم سمعت ذلك من الكثيرين بل إن بعضهم كان يعتب علي ويقول لي أتطلب الصدقة هنا وأنت يمكنك أن تذهب إلى موريتانيا؟، فالصدقة هناك كثيرة وأوقاتها مفتوحة .
لكوارب: هل تنوي العودة إلى السنغال لطلب الصدقة؟
مالك:   لا، لا, للزيارة فقط.
لكوارب: بكم تقدر عدد طالبي الصدقة الذين يأتون من هناك؟
مالك:  هم كثيرون ولا أعرف عددهم بالضبط، لكن بلدتي وحدها يدخل منها يوميا أكثر من ثلاثين شخصا رجالا و نساء .
لكوارب: ما هي أهم المناطق التي يأتي منها طالبو الصدقة؟
مالك: يأتون من المناطق الحدودية كلها, وعلى سبيل المثال يأتون من "انباني" و"رشارتول" وروصو بيت (بلدية) وروصو سنغال (بلدية) و"دكان" وهي منطقتي أنا.
مالك صحبة زوجته "القعداء" (تصوير لكوارب)
لكوارب: هل أنت متزوج؟
مالك: نعم لقد تزوجت بثلاث نسوة وماتت واحدة منهن وبقي اثنتان, واحدة منهما كانت عرجاء وبعد أن أنجبت بنتا أصبحت "قعداء" (هكذا نطقها)
لكوارب: هل لديك أبناء؟
مالك: نعم لي خمسة أبناء أمهن هي التي ماتت وولدان من "القعداء" وبنت من الزوجة الثانية.
لكوارب: لما ذا تزوجت بزوجتين وأنت طالب صدقة؟
مالك:  الذي دفعني للزواج من الثانية هو حاجتي لمن يقوم بأمور الزوجة "القعداء".
 لكوارب: هل تفكر في زوجة ثالثة؟
لا، لا, لأن الذي دفعني للزوجة الثانية هو حاجتي لمن يقوم بشؤون الزوجة "القعداء".
لكوارب: هل تستأجرون منزلا للسكن؟
مالك: نعم أستأجر منزلا يتألف من غرفة واحدة نسكنها جميعا ولا توجد أية مشكلة بين الزوجتين بل إن العلاقة بينهما على أحسن مايرام, فكل منهما تؤثر الأخرى على نفسها، ولقد سمعت أن هذا لا يصح وقوعه في موريتانيا حتى صار عندنا نحن في السنغال مثل يقول "كور نار بَن جبر لي أم" أي أن الرجل الموريتاني لا يتزوج إلا امرأة واحدة وهذا لا ينبغي, لأن الله يقول: ( فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة.. ).
لكوارب: ربما يكون الخوف من عدم العدل هو الذي دفع الموريتانيين إلى العزوف عن التعدد؟
مالك: الدافع هو الخوف من عدم العدل عند البعض,هذا أكيد, ولكن الدافع عند الأغلبية هو الخوف من الزوجة ومن المجتمع، وقد رأيت بأم عيني امرأة موريتانية تقول لزوجها إن تزوجت الثانية فستكون النهاية بيني وبينك.
وهناك الخوف من النفقات التي ربما يستدعيها التعدد, وخاصة أن الزوجة في موريتانيا تتعب الرجل بالنفقات غير الضرورية، هذا ما سمعت عند الكثير من الموريتانيين.
لكوارب: هل تنوي الزواج من امرأة موريتانية؟
مالك: لا, لا، لأن الزوجة في موريتانيا تكلف الزوج ما لا يطيق من الأمور غير الضرورية وكأنه خلق لأجلها وكأنها تقول "كل ميسر لما خلق له", وأريد منك أن تتركني لأذهب لطلب الصدقة فقد أخذت مني وقتا كثيرا.
لكوارب: قبل أن تذهب ، ما هي الوصية التي توصي بها طالبي الصدقة وخاصة من السنغاليين؟
مالك: أولا أدعوهم إلى أن يأتوا لروصو لأنني أحب لهم ما أحب لنفسي وهذا نداء لهم جميعا في دكار وفي طوبى وفي كولخ, وفي جميع مناطق السنغال.
وأوصيهم أن يلتزموا بما جاءوا من أجله, فقد رأيت رجلا جاء يطلب الصدقة وإذا هو يسرق أو يقوم بما لا يليق بطالبي الصدقة وهذا ما يجعل الناس يظنون أن جميع طالبي الصدقة من هذه الفئة, وهو ما يفسد به البعض على إخوته.
  

هناك تعليق واحد:

  1. merci ya ahlana fi rosso ce qu'on veut maintenant les rapports inter-religieux entre la population rossossoise et les senegalais surtout la famille de Ehl lemrabott tall ...merci

    ردحذف