أحد أصحاب العربات (لكوارب) |
يعتمد سكان مدينة روصو الشاطئية في تنقلاتهم اليومية بين أطراف المدينة جيئة وذهابا على عربة الحصان المعروفة محليا بـ "الوتير" للتنقل بين مختلف أحياء مدينتهم من "انجربل" شرقا إلى "الصطاره" غربا، ومن وسط المدينة "اسكال" إلى "الكبة" في الشمال الغربي.
"مدونة لكوارب" تبحث عن السر وراء انتشار وسيلة النقل هذه، ومدى تجاوب ساكنة روصو معها، وخاصة بعد تعبيد أجزاء كبيرة من شوارع المدينة.
درهم معاش ..
ممادو جلو وهو يتحدث لـ لكوارب (لكوارب) |
"ممادو جلو" شيخ مسن تبدو عليه علامات الكبر، أحد سكان روصو الذين يستخدمون العربة والحصان لكسب ما يسد به الرمق ويعينه في متطلبات الحياة اليومية.
في الصباح يلجم "ممادو" فرسه ويربطه بعربته، ويضع على رأسه قبعة تحميه من حر شمس روصو الحارقة، ليبدأ رحلة التحصيل والكسب فيجوب شوارع المدينة متنقلا بين أحيائها المختلفة، رافقناه في رحلة ممتعة من سوق مدينة روصو المركزي إلى حي "انجربل"، فظل طوال الرحلة قليل الكلام كثير الصمت إلا إذا دعته الضرورة فيتحدث باقتضاب شديد، طلبنا منه أن يحدثنا عن علاقته بمهنته فشرع يحدث بكلام لا تكاد تسمعه إلا همسا، يتتعتع ويكسر العربية تارة، وتارة يتكلم باللهجة "لولفية" يقول "اعتدت هذه المهنة، وما أجنيه منها هو الذي أسد به جوعي، وأطعم به أطفالي، وقد اشتريت منها حصانا وهبته لابني كي يساعدني على تحمل بعض حاجيات الأسرة وضروريات المنزل".
ممادو جلو: عرق المساء نصيب الحصان (لكوارب) |
عندما سألناه عن دخله اليومي من مهنته هذه، ابتسم ابتسامة المجهد، ومسح العرق عن جبينه قائلا: "أجد في هذه المهنة متعة كبيرة، فعندما أرجع إلى بيتي في المساء أنام نومة هادئة، وحينما أستيقظ أحس وكأن الدنيا أتتني وهي راغمة، وأحصل منها في الساعات الأولى يوميا على ما يقارب 1200 أوقية، وهذا المبلغ يصرف في غداء وعشاء العائلة، أما في المساء فأجني منها حوالي 300 أوقية أشتري بها للحصان علفه .
ودعنا "ممادو" لننتقل إلى أحد أصحاب المهنة .. أين تتجهون؟ هكذا ابتدرنا، رد عليه أحد الزملاء "إلى حيث تتجه"، تجولنا معه هو الآخر داخل المدينة، فشرق وغرب، ولا حظنا نشاطا وإقبالا منقطع النظير على عربة الحصان (الوتير) مقارنة مع سيارات " التاكسي".
إقبال كبير ..
تتسع العربة لأربعة ركاب دون السائق، وتبلغ تكلفة الراكب 50 أوقية، تتساوى في ذلك مناطق المدينة القريبة من المركز والبعيدة منه على حد السوا، ولعل هذا المبلغ الرخيص ـ حسب أحد المواطنين ـ هو ما جعل سكان مدينة روصو ـ خصوصا الفقراء منهم ـ يستخدمون هذه الوسيلة للتنقل بين أحياء مدينتهم.
المواطنة "أم الخير" تحدثت لـ"مدونة لكوارب" قائلة: "أنا دائما أفضل التنقل داخل المدينة على عربة الحصان (الوتير) بدل السيارة ( تاكسي) لأنني أجد فرصة أكثر للحديث مع بعض السكان الراكبين عن مشاكلنا التي نعاني منها جميعا، هذا فضلا عن كون الأجرة التي أدفع لصاحب العربة تتماشى مع ظروفي المادية الصعبة".
ويرى المواطن "عبد الله" أن اتخاذ العربة كوسيلة للتنقل بين أحياء روصو يعتبر مشكلة كبيرة، فروث الحصان ـ كما يقول ـ يحدث فيها رائحة نتنة في الشوارع ويزيد من انتشار الأوساخ في المدينة التي لا تحتمل زيادة القمامة، وخاصة في فصل الخريف الذي تختلط فيه مياه الأمطار بأكوام القمامات المنتشرة بين منازل المواطنين، فيتسبب عن ذلك انتشار الكثير من الأوبئة.
ويقول المواطن " عبدالله" وهو جالس على إحدى العربات داخل السوق المركزي في المدينة "إن المسؤولية هنا تقع على عواتق السلطات المحلية التي تعاقبت على مدينة روصو فأكلت الأخضر فيها واليابس، ولم يعد للمواطن ـ بسبب السلوك المشين لتلك السلطات ـ بد من العيش على نتن روث الحصان، أو الرائحة الكريهة للقمامة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق