15‏/09‏/2011

هل تيتمت شنقيط ؟

الشيخ محمدن بن الشيخ محمد حامد بن آلا الحسني
إن الله لا يقبض العلم انتزاعاً ينتزعه من الناس، ولكن يقبض العلم بقبض العلماء... رحم الله العلامة الشيخ "بباه".... كلمة ترددت على أفواه الوفود التي تقاطرت على قرية "تنجمايك" الشهيرة بولاية اترارزه، حيث جاءت هذه الوفود منكل حدب وصوب، وقلوبهم منكسرة لفقدان قمر آخر من أقمار موريتانيا، بل والأمة الإسلامية عموما. إنه "الشيخ بباه" العالم والمربي من كان مثالا يحتذى.



لقد كان الشيخ محمد بن الشيخ محمد حامد بن آلا الحسني، الملقب بالشيخ"بباه" ورعا تقيا زاهدا عاش ما يناهز ستة وتسعين وظفها أحسن توظيف في مرضاة الله عز وجل وكان يحسب للموت حسابها كل يوم، وأكبر دليل على ذلك تلك اللبنات التي اشتراها ووضعا في مكان من المقبرة وأوصى بدفنه في ذلك المكان. كان الشيخ "بباه" رحمه الله من أهل القرآن، حيث عمل حاشية، على كتاب الطالب عبد الله في رسم القرآن الكريم، وأخرى على ابن بري في رواية قالون عن نافع كما كان من أهل السير، وأثره في ذلك باد على طلبته وتآليفه، هذا فضلا عن علوم اللغة وفنون الفقه. وإن العبارة لتضيق في وصف الشيخ لكن الحقيقة أنه ما إن فارقنا حتى سافر الدمع في المآقي جيئة وذهابا، واستبدت بالقلب تباريح الفراق، ولكن لا نقول إلا ما يرضي الرب!! مساء الخميس العاشر من شوال 1432هـ (8-9-2011م) ، رحلت عن دنيانا الفانية، فحللت بكريم رحيم نسأله أن ينزلك الفردوس الأعلى مع النبيئين والشهداء والصالحين... من الذين أنعم الله عليهم... رحل "الشيخ بباه" عن هذه الدنيا وهو فيها زاهد ، لم يغرره الجاه- وهو عريض وتليد- فرحل فقير الجيب غني النفس، عطوفا على الضعفاء، سمحا بشوشا، متسامحا مع العشيرة والأقربين، لا يحمل الحقد عليهم، إن أكلوا لحمه وفر لحومهم، وإن حاولوا هدم مجده بنى لهم مجدا!!! كان رحمه الله للجميع الأب والموجه والرمز والمرجع، خالط البسطاء والمعدمين... فلا ندري، أن نعزي أنفسنا، في فقده" وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر"؟

أم نعزي فيه الألواح ومجالس و طلبة العلم؟ أم نعزي فيه الصف الأول في المسجد؟ الحقيقة أن شنقيط تيتمت بفقدك إن لم نقل الأمة الإسلامية جمعاء.
 عزاؤنا فيك أيها الشيخ أنك قد تركت لنا موروثا زاهرا من المعارف يحمله إخوة لنا ، نراهم المعنيين بقول الشاعر: إن أخاك الحق من يسعى معك * ومن يضر نفسه لينفعك* ومن إذا ريب الزمان صدعك* شتت فيك شمله ليجمعك.

فاللهم اغفر لفقيد الأمة الإسلامية والعربية جمعا... اللهم آمين. 

بقلم : عبد الله الحاج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق