25‏/09‏/2011

بغيةُ المُحْتارْ.. من مشاهداتي في دمشق وداكار "2"

د/ أبوبكر بن أحميّد (أبو أسماء)
"داكارْ".. باريسُ الأفارقة..!
هي عاصمة السينغال، تقع على شاطئ المحيط الأطلسي، الذي يحيط بها من جهات ثلاث. وهي مدينة للأعاجم الأفارقة، ولعل أغلب سكانها من الزنوج "الوُولف" أو الناطقين باللغة الوُلفية على الأصح. ولم أجد وأنا أسير في شوارع ضواحيها الضيقة الوسخة بين أسراب الزنوج الأعاجم أبلغ في واقعي من بيت المتنبي في وصف "بوان" ببلاد فارس، مع استحضار فارق التوقيت والاختلاف:
ولَكنّ الفتى العربيّ فيها **** غريبُ الوجه واليَدِ واللسَانِ

أما بيت المتنبي الذي ورد قبل بيته السابق فلا ينطبق على "داكار" إطلاقاً؛ إذ هي -في رأيي- لا تمثل فصل الربيع من الزمان لأنه أجمل فصول العام كما هو معروف، بل لعلها تمثل فصل الصيف بحرارته المحرقة، وأمطاره المرعبة، وصواعقه القاتلة.

شوارع ضواحي داكار ضيقة مزدحمة، تغص بالسيارات المهترئة التي انتهى عمرها الافتراضي منذ عقود طويلة أيام الحرب العالمية الثانية، وهي تطلق أعمدة من الدخان الكثيف تغطي الأفق وتقضي على الأوكسجين الضروري للتنفس.. أما سيارات النقل العمومي والباصات وسيارات التاكسي فهي -في الغالب- قديمة أيضاً؛ بل يمكن القول إنها بقايا هياكل حديدية قديمة يحسن الاحتفاظ بها في متاحف السيارات القديمة التي اختفت من حياة الناس في كثير من دول العالم منذ عقود عديدة.

أما سكان داكار فهم أعاجم سود، لا يفقهون من كلام العرب شيئاً، وهم -غالباً- يدّعون الإسلام، وأكثرهم يدين بالولاء المطلق لإحدى مرجعيات الطرق الصوفية المنتشرة في السينغال، حتى إن الصور الفوتوغرافية والمرسومة لزعماء هذه الطرق ومشايخها تغطي جل واجهات المحلات التجارية والسيارات والعربات، مع أن الكثير من الناس يعلقونها في رقابهم تبركاً بها، وإمعاناً منهم في إجلالها والاعتقاد بنفعها؛ إذ هم ينظرون إليها بكثير من الإجلال والخوف والطمع، حتى ليمكن القول إن الدين الحقيقيّ السائد بين السكان هو الانتماء الصوفي المشوب بقدر كبير من الغلوّ في الاعتقاد في الشعوذة والتبرّك والتقليد، وهي كلها أمور يغيب معها العقل الإنساني، وتنمحي فطرة الخير التي جبل الله الناس عليها.

وتمتاز داكار برداءة مناخها، وتلوّث هوائها، وملوحة مياهها، بما فيها المياه المعدنية التي لا يخلو كثير منها من طعم ينافي العذوبة.. أما شوارع الضواحي فهي ملأى بالمستنقعات الناتجة عن هطول الأمطار، وهي مصدر للكثير من الأمراض والأوبئة الفتاكة، في حين يتبادل الذباب والبعوض الأدوار في تعكير صفو النهار والليل، بل ربما انتشر البعوض نهاراً داخل بعض الغرف فجمع بين إزعاج الناس ليلاً ونهاراً، مع أن شدة قرصه تفوق بكثير ما عرفته لسنوات عديدة في مدينة روصو الموريتانية أيام دراستي لمرحلتي الإعدادية والثانوية قبل العقد والنصف من الأعوام.

أما نظرة السكان إلى العربي والموريتانيّ فتغلب عليها الريبة والتّوجس اللذان لا يخفيان الاحتقار والازدراء، خاصة عندما يتأكّدون أن الإنسان الأبيض ليس مواطناً أمريكياً أو أوروبياً. ولعل غياب الأمن أكبر خطر يتهدد العربيّ والأجنبي في داكار، إذ هنالك جموع كبيرة من اللصوص المحترفين المتجوّلين الذين يجوبون الشوارع ويمتهنون النشل والسطو حتى في وضح النهار، ناهيك عن أنّ بعض الشوارع معروفة بأن غالبية من يسير فيها لصوص معروفون، كما أنّ هنالك مناطق لا يسكنها غير عصابات السطو والتّلصّص وقطع الطرق.

وإلى جانب الفزع والخوف الناتجين عن الحذر من الوقوع في شباك السطو، هنالك مجموعات مرتزقة محترفة يُعرفون بـ"البايْفالاتْ"، يجوبون الشوارع، ويغنون بأصوات مزعجة بعض أشعار التوسل لشيخهم أحمدو بمب البكي (ت1346هـ)، ولا يندر أن يصيح أحدهم في وجوه المارّة محركاً جعبة فيها بعض قطع النقود، طالباً التصدّق لبركة شيخه، معتمداً طريقة مرعبة في إجبار الناس على التصدّق نتيجة الخوف لا بطيب النفس.

خلاصة.
لا شك أن زائر داكار بعد دمشق سيشعر لا محالة بخيبة أمل حقيقية، فهو لن يجد ما عهده في قصبة الشام من أمن وأمان وجمال ورخص وهناء، لأن سكان دمشق لا يشعر الغريب بينهم أنه غريب بل هو بين أهله وإخوانه في اللسان والدّين، وهم إخوته الذين لم تلدهم أمه، أما زائر داكار فهو غريب الوجه واليد واللسان، تطارده الغربة والعجمة في كل مكان حتى في بيوت الله التي يفترض زائرها أن يسمع قرآناً عربياً بصوت عذب لكن العجمة ستمنعه من ذلك.

ولعل عجز العرب منذ القديم عن إدماج الشعوب الإسلامية من غير العرب في الثقافة العربية وتعريب لسانهم يتحمل جزءاً كبيراً من المسؤولية عن سيطرة اللغة الفرنسية على شعوب إفريقيا المسلمة وعيشها لقرون تحت رحمة اللسان العجمي وجهلها المطلق باللسان العربي المبين.. كما أن عوامل التاريخ والجعرافيا أسهمتا في خلق حالة قطيعة بين شعوب العرب وإخوانهم من شعوب العالم الإسلامي الأخرى، خاصة السينغال، على الرغم من كثرة المواطنين الموريتانيين واللبنانيين المقيمين فيها منذ القديم، فضلاً عن قربها الجعرافي من موريتانيا وباقي دول المغرب العربي...!!


 بقلم: د/ أبوبكر بن أحميّد (أبو أسماء) – أستاذ جامعي

هناك 10 تعليقات:

  1. maqaal ta3iiiiiiiiiissssssssssss we maliiiioune bil3ounsouriya

    ردحذف
  2. مقال قذر عنصرى لايستحق النشر فى مدونة مدينة رمز للأخوة والتعاضد بين أنسجة المجتمع

    ردحذف
  3. هل قلتم دكتور؟ هل قلتم أستاذ جامعي؟
    تفوح من هذا المقال رائحة نتنة و بغيضة من العنصرية و التعالي و المفاضلة السطحية و المهترئة بين الشعوب.. ما اقذر هذا المقطع:"" "ولم أجد وأنا أسير في شوارع ضواحيها الضيقة الوسخة بين أسراب الزنوج الأعاجم أبلغ في واقعي من بيت المتنبي في وصف "بوان" ببلاد فارس، مع استحضار فارق التوقيت والاختلاف:
    ولَكنّ الفتى العربيّ فيها **** غريبُ الوجه واليَدِ واللسَانِ
    أما بيت المتنبي الذي ورد قبل بيته السابق فلا ينطبق على "داكار" إطلاقاً؛ إذ هي -في رأيي- لا تمثل فصل الربيع من الزمان لأنه أجمل فصول العام كما هو معروف، بل لعلها تمثل فصل الصيف بحرارته المحرقة، وأمطاره المرعبة، وصواعقه القاتلة. ""

    --
    .اما كان الأولى لدكتوركم ان يقارن بين عشيقته دمشق و عاصمة بلاده نواكشوط؟ من باب الإنصاف و الفائدة و الموضوعية؟

    ردحذف
  4. مقال نتن

    ردحذف
  5. مقال زين بالفال

    ردحذف
  6. لاينبغى لمدونة لكوارب نشر المقالات العنصرية

    ردحذف
  7. أخى قارن بين أحياء قندهار الترحيل الكبة ملح.... مع مقديشو

    ردحذف
  8. ڭلتلك ما تعاقبت عليك داكار و موريتان

    ردحذف
  9. سبحان الله هذالمقال يذكرني بمقال تلك الصحفية المصرية عندما زارت انواكشوط.

    ردحذف