23‏/06‏/2011

هنيئا صاحب الفخامة وطاب المقام في روصو


الأستاذ إمام الدين ولد أحمدو
السيد الرئيس أعلم أنكم لن تجدوا فسحة من وقتكم الثمين لقرءاة ما سأكتبه، فالحرب على المفسدين، وشق الشوارع أمور أكثر أهمية بالنسبة لكم، لكنني لا أجد بدا من مخاطبتكم قبل أن تطأ أقدامكم الكريمة أرض روصو للمرة الرابعة منذ تقلدت مقاليد السلطة في هذ البلد، وأكثر قبل بلوغ تلك المسؤولية، فالعقيد "معاوية" زار روصو مرات، وأنتم رافقتموه كظله لعدة سنوات.

سيدي الرئيس أنا مواطن بسيط لم يحصل لي الشرف في حيازة قطعة أرضية في روصو، ولكني ياصاحب الفخامة لا أسعى إلى ذلك، إلا أنني أجدني ملزما بتقديم تهانئي الحارة لشخصكم الكريم على الجهود الجبارة التي جعلت مواطنيكم يتقاتلون على قطع أرضية جرداء في أرض قاحلة لاماء فيها ولا شجر، بل لا إمكانية مطلقا لحياة بشر.

لقد نجحتم تماما سيادة الرئيس في تحويل اهتمامات مواطنيكم في عصر الثورة من شعب كان ينبغي له أن يطالب بدولة ديمقراطية تنعم بقيم المساواة والحرية والكرامة، إلى شعب انحصرت اهتماماته في الحصول على قطع أرضية، فسقطت مفردات الثورة في بحر لجي يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه.

سيادة الرئيس خلال الأيام الماضية زرت مدينة روصو زيارة أكثر فسحة واتساعا من تلك التي تنوون القيام بها، ولذلك السبب أجدني أكثر قدرة على أن أوضح لكم صورة مصغرة لتلك المدينة النائمة على ضفاف النهر.
في ما يخص حرب "تصفية الحسابات"، عفوا حربكم على الفساد، - والله يعلم المفسد من المصلح- التي أوليتموها اهتماما بالغا منذ توليكم مقاليد السلطة، فإنني أطمئنكم ياصاحب الفخامة، فليس في روصو ما يكدر صفو المقيل، ليس من بين أطر المدينة أبدا أمثال مولاي العربي ليستحق سجونكم، ليس في روصو تلك "الشرذمة" التي يشهد الناس أجمعون على كفاءتها ونزاهتها وقدرتها الفائقة على التسيير، والتي لا مكان لها في عهدكم الميمون سوى السجون .. فأبشروا وعيشوا حياتكم، فمولاي العربي في روصو بضاعة كاسدة.

في روصو شداد لايعصون أوامركم قيد أنملة ولايرون لكم بديلا، خدماتهم ظاهرها رحمة بفقراء المدينة – وما أكثرهم- وباطنها عذاب واحتقار لمواطنيكم.
في روصو أسر كثيرة أقعدها الجهد، ولكن وإن فاتها شرف الحصول على كأس ماء صالحة للشرب يروي ظمأ فراخها، فقد شربت كأس الذل الذي يتجرعه مواطنو بلدكم صباح مساء، ويتذوقون طعمه العلقم كلما أحسوا أنهم بشر يستحقون الكرامة.

في روصو عائدون من السينغال يندبون حظهم العاثر في اليوم ألف مرة، ويستعيدون شريط الذكريات علهم ينعمون بعودة رحيمة إلى أرض غربة، لكنها والله كانت ألطف وأرحم بهم من قاع صفصف، أو قعر مظلمة لا ماء فيها ولاشجر.
في روصو المؤسسات الحكومية خراب خاوية على عروشها، مستوى الخدمات لا شيء، علاقة الإدارة بالمواطن تحت الحضيض، المواطن مسحوق، مداسة كرامته، تتخطفه الإدراة وتهوي به إلى مكان سحيق.

في روصو حققت الإدارة تعليماتكم بامتياز واستحقت التشجيع والتكريم في عهدكم الميمون، فستجدون أمامكم آلاف الأسر القادمة من كل أنحاء موريتانيا .. رضيت بأن تسكن أقبية مهينة لكرامة الإنسان، مذلة لعظمة الشعب الموريتاني الأصيل .. ستجدون أمامكم مواطنين يتجرعون كأس الذل كما لم يتجرعونها من قبل في عهد أي نظام حكم موريتانيا، سيطيب بكم المقام تماما سيادة الرئيس، شعبكم الفقير يسترحم عطفكم، ويرى فيكم المنقذ والمخلص من كل هذه المآسي، حق لكم  يا صاحب الفخامة، أن تصرخوا مستقبلا في وجوههم كلما تناسوا أنهم هم هم، وأنكم أنتم أنتم: "يا جرذان، يا جراثيم، زنكه زنكه، بيت بيت، كوخ كوخ" .. إلى بقية تلك المتلازمات.

في روصو فسحة من الوقت لإطلاق مشاريعكم العملاقة، توزيع قطع زراعية لصالح العشرات من حملة الشهادات العليا العاطلين عن العمل، ولكن يا صاحب الفخامة، ألا ترون أن الذين يلتحفون السماء، ويفترشون التراب أمام قصركم المنيف يستحقون لفتتكم الكريمة، أو ليس الأقربون أولى بالمعرف.

في روصو سيبايعونكم مدى الحياة – ومن ذريتكم- وسيأخذون لكم البيعة من فوق المنابر، وسيتقاتلون على تقبيل أياديكم الشريفة، وستطوقون أعناقهم بكرائم لن ينسوها ما حيوا، ولكن بشرط واحد، أن توزعوا عليهم القطع الأرضية .. أو ليس هذا مبتغاكم وطموحاتكم يا صاحب الفخامة .. لقد هرمت من أجل هذه اللحظة التاريخية، فهنيئا لكم مرة أخرى استخفاف شعبكم، وتوجيه اهتماماتهم كما تشاؤون.

 في روصو أغلبية صامتة لاتريدكم وتعتقد أن أكبر خدمة تقدمونها لأنفسكم قبل هذا البلد، أن تخرجوا منها .. لا كما دخلتموها فذلك من الصعوبة بمكان، ولكن على الأقل كما هي اليوم قبل أن تصل الأمور لما لا تحمد عقباه، وقبل أن يكون الهروب لم يعد "اسلك".

بقي لي أن أتمنى أو ليس من حقي ذلك، فالمغلوبون على أمرهم في هذه الأرض لا يمتلكون أكثر من التمني الذي لا زلتم على الأقل عاجزين عن سلبه، أتمنى أن يكون حب القطع الأرضية أورث مواطني بلدي حب الوطن، فبالنسبة لهم البون شاسع بين الوطن وأرضه .. أو ليس الوطن بقرة حلوبا ..؟؟

إمام الدين ولدأحمدو
Imam04@maktoob.com

هناك 3 تعليقات:

  1. مقال رائع جدا .. لافض فوك

    ردحذف
  2. شكرا...المقال جد واضح ينطوي على أسلوب تهكمي وساخر وأوفق الاستاذ إمام الدين على ذالك إذا علمتم أن من البلية مايضحك فروصو مدينة على ضفاف النهر وبوابة افريقيا من الجنوب إضافة إلى أن تمتلك مساحات شاسعة صالحة للزراعة ومحصولها الزراعي يكفي لترفيه كافة سكانها وإنقاهم من ويلات الفقر والفاقة والمسكنة التي تنجلي "مجاملة" وتلفيقا عند قدوم الرئيس وحاشيته ويسجد الكون كله تسبيحا وتبجيلا عندها يغيب الحق في أهبة "الموكب المهيب"..صدقت أخي الكاتب حين قلت "في روصو أغلبية صامتة لاتريدكم وتعتقد أن أكبر خدمة تقدمونها لأنفسكم قبل هذا البلد، أن تخرجوا منها .. لا كما دخلتموها فذلك من الصعوبة بمكان، ولكن على الأقل كما هي اليوم قبل أن تصل الأمور لما لا تحمد عقباه، وقبل أن يكون الهروب لم يعد "اسلك".
    وأنا أضم صوتي للاغلبية الصامتة ولكن كماقال أحمد مطر"صمتها هو الجلجلة"
    سيادة الرئيس ستركض خيل الاغلبية المغلوبة على أمرها وتسمع ضبضها وصهيلها عندما تقدم ببشرى الرحيل..وداعا سيادة الرئيس وشكرا أستاذي إمام الدين.

    ردحذف
  3. لاسدالله فاك ولاقطع اصابع يداك ووووووووووو

    ردحذف