07‏/05‏/2011

إلى خفــافــيش الظلام (2)

الأستاذ محمدن ولد حمنيه (لكوارب ــ إرشيف)
استؤنف الإضراب من جديد بعد عامين ونيف من التوقف، توقف حرص خلاله الأستاذ على منح وزارة التعليم الفرصة لالتقاط أنفاسها و لملمة أوراقها، فرصة استغلتها الوزارة في مسابقة مع الزمن لشحن مكاتبها و إداراتها بمجموعة من الرعاع لينة لتنفيذ الأوامر طيعة لحشر أنفها في إضرابات لا ناقة لها فيها و لا جمل و إنما نتيجة لإحساسها بالضعف و معاناتها البؤس و الشقاء أيام طفولتها، فبذلت العرض و الدين و الأخلاق و القيم محاولة حصد احترام مجتمع لا تحظى باحترامه أصلا و ثمنا لرضا مسؤولي وزارة التعليم، مسؤولين حرصوا على التشدق و المماطلة و إطلاق العنان لعهود هم يعلمون أن الله يعلم أنهم يعلمون كذبها و رغم ذلك تغاضى الأستاذ و صبر و ارتقى فوق مستوى الوزارة التي غرقت حتى أذنيها في مستنقع من التطبيل و التزمير لمن لا يريد منها ذلك، تلك الوزارة التي أنشئت في الأصل للسهر على مشاكل التعليم و إصلاح وضعها المتردي، لكن المسؤولين حولوا المهمة إلى التطبيل و التصفيق لولي النعمة، و لست أدري وجود هؤلاء في مناصب لا يستحقونها أهو من سوء حظ التعليم أم من سوء حظ المعلم؟

قد يقول القائل هو من سوء حظ الوزارة لكنني أرى أنه من سوء حظهما معا فمسؤولي التعليم هؤلاء لا يرقون إلى المستوى المطلوب و لا يلبون الطموحات المتزايدة لأساتذة صدقوا أنفسهم فنالوا احترام مجتمعهم و وطنهم و أمتهم و تمثلوا قول الشاعر دينا و منهجا:
إذا ما غامرت في شرف مروم      فلا تقنع بما دون النجوم
فطعم الموت في أمر حقير     كطعم الموت في أمر عظيم
وكان الأستاذ و لا يزال و  سيظل  الطود الشامخ الذي يأبى أن يهون رغم الضغوط المتزايدة و الأساليب القذرة التي تمارس في حقه و تسليط القريب و البعيد عليه لإخراجه من صف قوة آمنت بأن الحق لابد يوما أن ينتصر و أن لا منهج سوى قول الشاعر:
و ما نيل المطالب بالتمني       و لكن تؤخذ الدنيا غلابا

و ظل الأستاذ عصيا على الضغوط بعيدا من الاستكانة رغم الواقع المادي البائس اليائس و العزوف المتنامي عن مهنة الأستذة داخل المجتمع، فإن أضفنا إلى هذا جنون الأسعار و تصامم الوزارة و تهاون الحكومة بمطالب الأستاذ المشروعة طابق حال الأستاذ قول الشاعر:
قد كان مضطلعا بالخطب يحمله       فضيقت بخطوب البين أضلعه
يكفيه من مشكل التدريس أن له      من الضنى كل يوم ما يروعه

و لا تزال الدهشة تراودني كل حين و أنا أرى أساتذة خبروا الميدان و عاينوا أفعال الوزارة و مسؤوليها في كل شبر من أرض الوطن الغالي يصرون على التثبيط من عزيمة إخوانهم ضاربين عرض الحائط بالأعراف و القيم و المبادئ و الشيم و ما ذاك إلا لضعف في نفوسهم و اعوجاج في أخلاقهم و انحراف في سلوكهم حيث تعودوا النفاق لكل من هب و دب حتى أصبح النفاق جزءا لا يتجزأ من دماء فاسدة تجري في عروق تافهة لنفس خسيسة خاطئة كيف لا و هم يعلمون علم اليقين أن أي مكسب ينتزعه شرفاء الأساتذة بتضحياتهم يقسم بالتساوي بين الشريف و الوضيع، و ضيع آلى على نفسه أن يظل على ضعته يدفعه الشيطان و النفس و الهوى للتمسك بدريهمات لا تقيم أود رضيع يوما واحدا، فكيف بعائلة متطاولة شهرا كاملا، حق للتعليم أن يتبرأ من مثل هؤلاء، فوجودهم في مجتمع يعني الخراب و الدمار لذلك المجتمع، و للحكومة أن تتصامم و للوزارة أن تتهاون بمطالبنا، و للمثبطين أن يكثفوا الجهود للتثبيط من عزائم أسيادهم، و لشذاذ الآفاق و المعتاشون على فتات الموائد أن يمارسوا الضغط كما يشاؤون و لنا أيضا أن نموت في سبيل حقوقنا المشروعة دفاعا عن أعراضنا و قيمنا و مستحقاتنا، و هو ما سيكون و لن نتنازل و لن نهون و لن نقبل هذه المرة بغير تنفيذ مطالبنا حرفا حرفا شبرا شبرا ذراعا ذراعا و سنلاحق حقوقنا" بيتا بيتا" "دارا دارا"، و لن نصغي للتهديدات و لن نلقي بالا للإرعاد و الإبراق و الوعيد، لعلمنا أن الرزق بيد الله فقط لا غير.

و الله قسم بين الخلق رزقهم      لم يخلق الله مخلوقا يضيعه
فهنيئا لكم أيها المضربون و هنيئا لكن أيتها المضربات، نحن اليوم على مفترق طرق فالمثبطون من خلفنا و الضغط القبلي من تحتنا و الإداري من فوقنا و تجاهل الوزارة من أمامنا و إخفاق الحكومة عن يميننا و شمالنا و ليس لنا و الله إلا الصبر و المثابرة و الجد و الاجتهاد فيما نحن مقبلون عليه و ليكن في علم الجميع أنه:
إذا الشعب يوما أراد الحياة       فلابد أن يستجيب القدر
و لابد لليل أن ينجلي      و لا بد للقيد أن ينكسر

حينها لكل أستاذ مضرب أن يرفع رأسه عاليا، و على الذين لم يضربوا أن يخفضوا الهامة و يغضوا البصر و يسيروا خلف الصف و يصلوا في الطريق المؤدي إلى المسجد، لأنهم خبث تضر مخالطته بالمصلين.

فغض الطرف إنك من نمير     فلا كعبا بلغت و لا كلابا

و سيعلم الذين نافقوا و الذين ظلموا و الذين استكبروا أن إضراب الثامن من مايو سيكون من معارك العز و الشموخ التي خضناها أكثر من مرة حتى خبرنا سوحها فخبرتنا معاركها، و من يزرع الإضراب يحصد الكرامة و من يتخلف يحصد الندامة و من يضحك أخيرا يضحك كثيرا.
  
الأستاذ محمدن ولد حمنيه
أستاذ بإعدادية روصو2    

هناك 3 تعليقات:

  1. لا فض فوك وإلى الأمام وماضاع حق وراءه طالب هكذا يكون الأستاذ

    ردحذف
  2. هاهي ثمرة العلم تنضج وثورة الظلم تختفي شيئا فشيئا وماكتب لها البقاء فأما الزبد فيذهب جفاء وأما ماينفع الناس فيمكث في الارض...إضرابكم حق لكم حق لكم الكرامة حق لكم الحياة في تمدن ورفاهية وشظف عيش حق لكم ذالك فأنتم المربون وأنتم الصانعون للمسار نحو بلوغ الحضارة و"المدينة الفاضلة" عند التصور الافلاطوني..إهانتكم أيها الاساتذة إهانة للعلم وتشويه لصورة التعليم دولة لاتقدركم ولاتنزلكم في المنزلة اللائقة بكم ستعض يد الندم حينما تتردى في حضيض التخلف والجهل والحروب الاهلية فكونوا على المسؤولية ومن لايكرم نفسه لايكرم; ونادوا بصوت جهوري:
    إضرابنــاحق لنا... ونحن فيه صامدون
    إما إعتصام هاهنا...أو إعتصام في السجون

    ردحذف
  3. لا رجوع عن الحق فصاحب الحق أكرم و أعز .
    الاضراب الاضراب إلى أن تلب المطالب . فنحن معكم بما أوتينا من قوة.

    ردحذف