15‏/08‏/2011

قالـوا عـن المـدونـة "10"

الصحفي إمام الدين ولد أحمدو
إلى مدونة لكوارب في ذكراها الأولى

سنة من العمل الصحفي ربما لا تعني الكثير للعابرين بحار مهنة المتاعب، لكنها ليست أمرا يسيرا لثلة من الشباب القابضين على الجمر، في تلك المدينة الجميلة النائمة على ضفاف النهر.

سنة من المتاعب والإبحار في بحر لجي لترسو سفينة المدينة من جديد على ضفاف الأمل ..  سنة خرق فيها زملاؤنا في لكوارب النواميس المعروفة فاكتفوا بها "سنة واحدة" لبلوغ سن الفطام.


لقد كانت مدونة لكوارب إضافة كبيرة وهامة جدا لعاصمة الثقافة والجمال، وبذل القائمون عليها جهودا مضنية لإيصال أصوات المحرومين والمغبونين على ضفة النهر، وساهمت بدون شك في إلقاء الضوء بشكل أكبر على هموم ساكنة المدينة.

وربما الأجمل في مسيرة لكوارب أنها اختطت لنفسها طريقا وسطا بين أقطاب الساحة السياسية وتناقضاتها المختلفة، فلم يستطع أحد أن يشتم فيها رائحة التخندق السياسي أو الانتماء لهذا الحلف أو ذاك.
 وبدون شك في مدينة أفسدها ساستها ودنسوا أرضها كما لوثوا هواءها، لم تكن مهنة الحياد بالأمر السهل، ولذلك فيحسب لحملة مشعل لكوارب أنهم واجهوا ضغوطا كثيرة وتحديات أكبر لكنها تحطمت كلها على صخرة الإرادة والثبات.

يحسب لمدونة لكوارب تعريتها لمظاهر الفساد الملاحظ هنا أو هناك، والتي كانت تزكم الأنوف وتثير الاشمئزاز دون أن تجد من بيننا – قبل لكوارب- القادرين على تغيير منكرها ولو بالقلب.
ولمدونة لكوارب سيحفظ التاريخ تبنيها لمظالم الآخرين التي لم تكن لتجد متسعا من الوقت لتصل حيث ينبغي لها أن تصل لولا أن الله منّ علينا بمدونة لكوارب.

وربما من أكثر النقاط الإيجابية التي حق لأهل لكوارب الفخر بها هي القناعة، ذلك الكنز الذي لايفنى، والذي للأسف الشديد افتقده الكثير من صحافتنا، فكانت المواضيع التي لم تتطرق لها لكوارب هي المواضيع التي لم تصلها فقط، ولم يكن هناك أي حرج في طرق الكثير من المواضيع التي كان الحديث عنها في "لكوارب" قبل سنة من المحظورات في بلد يتحسس صحافته حافظة النقود لديهم قبل أن يكتبوا.

يدرك أهل "المدونة، الموقع المشروع" قبل غيرهم أن العمل البشري قاصر عن الكمال مهما بلغ من الدقة والإتقان، ولكن حق لأبناء "لكوارب" البررة أن يفخروا أن النواقص والأخطاء -إن وجدت- كانت خطأ ونقصا بشريا أزليا لا مناص منه.

ورغم أنني لا أخشى على أصحابنا من خطيئة الغرور، إلا أنني أرى أنه من المناسب أن أنثر هنا بعض الملاحظات علها تنير درب القائمين على لكوارب:
1-   يعمد الكثير من كتابنا وصحافتنا في المواضيع الخبرية إلى خلفيات للخبر لاتناسبه أحيانا، فيضيع الخبر المقدس ويصل إلى القارئ بطريقة مشوهة بعيدة كل البعد عن مقتضيات العمل المهني.
2-   ركزت لكوارب على المادة الخبرية، ورغم أهميتها فإنها قد لا يفهمها سوى المتابعين لسياقها، ولذلك فإنني أعتقد أن التركيز على القصة الصحفية، والتحقيقات الميدانية أكثر تناسبا مع العمل الصحفي المحلي.
3-   لا حظت في كثير من الأحيان تسيبا في استخدام الصور، وكأن القائمين على المدونة لم يفرقوا بين الصورة ذات الأغراض الإعلانية، والصورة المرفقة بالخبر، وبينهما فروق كثيرة، مع أنني أعتقد جازما أن تعامل لكوارب مع الصور كان عن حسن نية دائما.
4-   لم تجد الكثير من التابوهات المسكوت عنها في المجتمع ما تستحق في نافذتنا على الضفة، نعم أعني انتهاكات حقوق الإنسان، الغبن، الفوضى الإدارية، ويحمّل كثير من صحفيينا المسؤولية دائما للإدارة - وهي تستحق- إلا أن المجتمع يتحمل مسؤوليات وعلى عاتقه يقع الكثير، مثلا قصرت البلدية كعادتها في نظافة المدينة، ولكن البدوي القادم بسلوكه المتخلف إلى المدينة يتحمل مسؤولية لا تقل شأنا، وهي الجزء المسكوت عنه في عملنا الصحفي.
5-   رغم أنني لا أدعي الحياد ولا أعتقد أنه مطلب موضوعي، فإنني أعتقد أن الصحفي الناجح هو الذي يميز بين الحياد والموضوعية، فقد لا أكون محايدا في ظل محيط يفرض ذلك، لكن لا مناص من أن أكون موضوعيا إذا كنت أرغب في بناء صرح إعلامي جاد.
6-   على حملة راية لكوارب الخفاقة، أن يتجنبوا الخلط بين الخبر الصحفي والمواقف، فقد لا أقبل على سبيل المثال لا الحصر، وجود العبودية في موريتانيا لكنني مهنيا ملزم بتناول مختلف وجهات النظر المتعلقة بهذا الموضوع الإنساني الحساس.
ومهما يكن من أمر فإن على لكوارب فتية آمنوا بالدفاع عن مدينتهم، وصدقوا ما عاهدوا عليه قراء "لكوارب" في خطابهم الافتتاحي، لاشك أنهم يدركون أن الطريق طويل حف بالمخاطر، كما يدركون مقتضيات عملهم الصحفي وإكراهاته، ولذلك ضريبة لاشك أن أنفسهم سخية راضية بها، فعلى درب الصدق والمهنية سيروا .. ولن يضر القافلة توالي نباح الأنفس التي لا تتسع للنقد، وتريد بقاماتها الضئيلة أن تحجب قرص الشمس عن مواطني أرض الضفة المعطاء .. إلى الأمام.

إمام الدين ولد أحمدو
رئيس تحرير موقع المذرذره اليوم

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق