25‏/07‏/2011

توبـة الفنانيـن

لا شك في شنقيطية موريتانيا وما تحمله هذه الكلمة من معان جميلة عندنا وعند غيرنا فالشنقيطي في العالم العربي علي الأقل فقيه ورع ولغوي وشاعر وأديب ، ولا شك كذلك في أن موريتانيا أرض المليون شاعر ، كما أنه لا شك أيضا في أن موريتانيا أرض المليون سياسي كما قال الدكتور فيصل القاسم.

هذه الصفات وغيرها إن دلت علي شئ فإنما تدل علي تمسك هذا الشعب بإسلامه وعروبته وثقافته المتنوعة ،ومن
هذه الثقافة الفن بأنواعه الكثيرة الحلال منه والحرام ولن أخوض في الحكم الشرعي
للفن لأنني لست أهلا لذلك ولدينا من يخوض في ذلك ولله الحمد لمن كلف نفسه عناء البحث أو السؤال على الأقل ، والمهم عندي هنا التنبيه لهذه الظاهرة المتزايدة – للأسف – وهي ظاهرة الغناء والتي يزداد أصحابها يوما بعد يوم ، سواءا في ذلك الفنانون أهل الفن عندنا ( ايكاون) والذين يتوارثون الفن أبا عن جد ولكل منهم مدرسته الخاصة به ، وكذلك المتطفلون على الغناء وما أكثرهم في هذه الأيام ، واللافت للنظر أنهم جميعا لا يتناقصون إلا بالموت رحم الله موتانا وموتاهم ، فلم نسمع أبدا أن فنانا موريتانيا - أصيلا كان أو مقلدا - اعتزل الفن لكبر سنه أو لمرضه أو لغير ذلك ،مع أننا نسمع دائما ونشاهد اعتزال فنانين وتوبتهم في جميع أنحاء العالم ، أما توبة الفنانين الموريتانيين فهي ضرب من المحال والأسباب في ذلك كثيرة جدا منها :


• أن الغناء حلال وقد يكون واجبا إذا كان مدحا للرسول صلي الله عليه وسلم أو للرئيس أو لصاحب المال الوفير أو في عرس ... دون النظر إلى ما يصاحب ذلك من تصغير لأحد أسماء الله الحسني ومن اختلاط ومن التغني بالشعر الفاحش أو من محرمات أخري كثيرة .
• أن المجتمع يوافقهم علي فنهم بل يحثهم ويشجعهم على ذلك ويستوي في ذلك عامة المجتمع و جل علمائه ومثقفوه - بدون تقييم ولا تقويم - مع أن المثل الحساني يقول (لمرابط ماه صاحب ايكيو).


• أنهم يكسبون بغناهم قوت عيشهم و معظم فقهائنا يفتون بالتكسب ولو بشبهة.
هذه من الأسباب وغيرها كثير هي التي جعلت الفنانين الموريتانيين لا يتخلوا عن فنهم أبدا ما دام احدهم حيا يرزق ، حتى مع كثرت التنبيهات الربانية – وما أكثرها – لهم ولغيرهم من حوادث وموت فجأة وغير ذلك.


وبالمناسبة فقد تلقيت نبأ موت الفنانة ديم رحمة الله عليها و أنا في البقاع المقدسة لأداء العمرة وقد تذكرتها كثيرا ودعوت لها كثيرا فقد أفضت لما قدمت .
إلا أنني إحقاقا للحق أقول أن الفنانين الموريتانيين مثلهم مثل أي فئة موريتانية فيهم الصالح والطالح وفيهم المتدين والفاسق والعالم والجاهل و... مع العلم أن أكثرية الموريتانيين يتوبون عن غيهم وخاصة إذا تقدم بهم العمر مثلهم في ذلك مثل غيرهم في البلدان الإسلامية الأخرى ( ال اكبر احشم ).


واستغل مناسبة قدوم شهر رمضان المبارك الذي تضاعف فيه الأعمال أن أبارك للجميع قدوم هذا الضيف الفضيل وأن أدعو كبار السن من الفنانين خاصة و من جميع فئات المجتمع الموريتاني عامة أن يتغلبوا علي شياطين الإنس والجن وان يتوبوا توبة صادقة فمن تاب تاب الله عليه ومن سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها ، وبذلك يكونون قدوة للشباب ليتوبوا هم الآخرون فالخير كله في الشباب والشر كله فيه ، فلعنة الله علي الشاشة والأضواء والأموال إذا لم تكن تقربنا من الله ، و أبواب الرزق والشهرة واسعة جدا التي أفتي بها علماؤنا الأجلاء.
وأسجل هنا للتاريخ توبة الوالد رحمة الله عليه المختار ولد هدار والتي قالها في آخر حياته:

رب تايبلك وأغفر ل ** موت ظهر علامات

كوم مات والكوم ال ** فسن اصغر من مات

و كذلك توبة الوالد المصطفي ولد اشفاغ اعمر


حاجلك دهرك فالعسكر ** و أستطفيل أ دهرك فأندر

ذاك أمنين أ دهرك لوخر ** سابك ذاك أحن فأنجرميل
ذاك أمنين أ سهوت لبحر ** ذاك أمنين أ عمان السيل
حجب يول أشفغ أعمر ** و أعرف عنك ماتيت أطفيل
خاظ أعليك الصبح أ اول ** أ خاظ أعليك الزوال أكبيل
أ يالطيف العصر أصل ** أ لات كدامك كون الليل



وللعبرة أيضا استشهد بهذ الكاف :


يعكل ذ المزال أوراك ** تعرف عن حك أو يلحك

يلال مشبه عندك ذاك ** إل حك أبش ماه حك

اللهم إن هذا جهدي فقد بلغت اللهم فأشهد


هداني الله و إياكم للتوبة الصادقة ووفقني و إياكم لما يحبه ويرضاه وبلغنا رمضان ورزقنا صومه وقيامه إيمانا واحتسابا. 

 الحسن ولد هاشم 

هناك تعليق واحد:

  1. أن الغناء حلال وقد يكون واجبا إذا كان مدحا للرسول صلي الله عليه وسلم أو للرئيس أو لصاحب المال الوفير أو في عرس ...
    هذه العبارة ينقصها بعض التنسيق فالاغناء بمدح رسول الله صلى الله عليه وسلم ليس كالغناء بغيره فلا ينبغي أن تجعلهما في سياق واحد

    ردحذف