16‏/10‏/2010

أحياء روصو..وموسم الهجرة إلى الشمال

الكندير ..عالم من عوالم لكوارب
لايزال الجميع يتذكر محمد مولود ولد برام (رئيس حي صطارة الشيخ مولاي) وهو يروى لوسائل الإعلام الوطنية العام الماضى كيف تهاطلت الأمطار ابتداء من الساعة الحادية عشر ليلا ليلة الجمعة ، وتواصلت حتى الخامسة فجرا، مضيفا "فوجئنا بالمياه تحاصرنا من كل اتجاه ويصل ارتفاعها إلى متر ونصف وكان أطفالنا في خطر، ذهبت إلى السلطات وأخبرتهم ذهبت إلى الحاكم والعمدة والوالي وكل من تذكرته ممن ينتمي إلى السلطات، لقد أخبرتهم أن الناس في خطر".


ثم يشرح ولد برام حينها كيف جاءت المصالح الحكومية في الصباح لكنها عجزت عن الوصول إلى المكان المحاصر. "عدت إليهم لأسألهم ماذا ستفعلون لهؤلاء؟ أجابوني لقد عجزنا عن الوصول إليهم وعليهم أن يتقدموا إلى الطريق العام. عنده يمكن أن نقدم لهم مساعدة. وعندما يأس الناس من تدخل السلطات بدؤوا في الاعتماد على مجهوداتهم الخاصة".



ويواصل ولد برام سرد قصة الهروب من المياه قائلا "تجمع الكثير من الناس، وكان أصحاب العربات يؤجرونها للعائلة الصغيرة بخمسة آلاف أقية، وأغلب الناس فقراء لا يملك أحدهم قوت يومه، لقد أخرجنا كل مدخراتنا، وقد ذهب الماء بكل أمتعتنا، وما بقي منه ذهب به اللصوص، لقد سقط ثلاثة أطفال في عمق المياه وبذلنا الكثير من الجهود لإنقاذهم وفي النهاية أنقذناهم بصعوبة بالغة".


لئن كان الموريتانيون ينتظرون بفارغ الصبر موسم الخريف من كل عام،ويرون فيه احد أكثر المواسم أهمية وحيوية فى البلد،فإن سكان مدينة روصو بالتأكيد لايتمنون أبدا عودة تلك الظروف والمواسم التى تعيد لأذهانهم الصورة القاتمة التى سردها بتفاصيلها الدقيقة محمد مولودولد بيرام،أيام إشتاحت مياه الأمطار السكان وهو يقطون فى نوم عميق داخل مساكنهم.


فسكان مقاطعة روصو ،يرون فى الموسم احد اكثر فصول السنة شقاءا،حيث يرتبط فصل الأمطار بالنسبة لسكان أحياء "الصطارة"و"أنجربل"و"دملدك" بموسم الهجرة والرحيل تحت تهديد مياه الأمطار التى عادت ما تجبر ألاف الأسر على الرحيل.


السنة الماضية كانت الأكثر صعوبة فى تاريخ المدينة،فقد فرضت مياه الأمطار ألاف الأسر على النزوح إلى منطقة الإيواء الواقعة عند الكلم 7 على طريق "روصو- نواكشوط"،وكادت الأمور تصل الكارثة لولا تدخل عشرات المنظمات والجهات المانحة لوضع حد لما عانا منه السكان.


ويروى سكان مدينة روصو قصصا مروعة حدثت حينها وخسر فيه المواطنون ممتلكاتهم ومساكنهم التى غمرتها المياه.


ومع قرب موسم الخريف لهذا العام يتطلع سكان مديتة روصو لتحقيق الوعود الكثيرة التى أطلقتها السلطات الرسمية فى البلد ووعدت من خلالها بتوسعة مدينة روصو وتوزيع ألاف القطع الأرضية على المتضررين من أجل تحاشى كوارث مشابهة.



وعد رئيس الجمهورية...
رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز كان قد أشرف بنفسه بمناسبة الإحتفالات المخلدة لعيد الإستقلال الوطنى على الإعلان عن تأهيل وتوسيعة مدينة روصو،وذلك عن طريق تشييد توسعة للمدينة تبعد 7 كلم عن مدينة روصو.


ووعدت السلطات ببناء المدارس والمستشفيات والطرق وتوزيع القطع الأرضية بعدالة على المواطنين.


ورغم التطبيل الإعلامى والوعود المتكررة فإن مشروع مدينة روصو لم يرى النور بعد ولايزال الوضع يراوح مكانه رغم أن موسم الخريف بات وشيكا، وشبح كارثة حقيقية يطارد سكان أحياء روصو المعرضة للخطر.


وتقول السلطات الرسمية إن مشروع توسعة وعصرنة مدينة روصو،يستهدف اعداد وتهيئة 1000 هكتار وتحويلها الى عشرة آلاف قطعة سكنية لصالح سكان المدينة،وذلك بتكلفة مالية باهظة وصلت 300 مليون اوقية،حسب تقارير رسمية،ويتم تنفيذ المشروع من طرف الشركة الوطنية للاستصلاح الزراعي والاشغال


وكان آخر الوعود الرسمية الزيارة التى أداها الوزير الاول الدكتور مولاي ولد محمد لقظف، قبل أسابيع إلى منطقة الترحيل وإيواء النازحين عند الكلم 7 من مدينة روصو،والتى قيل إنها جاءت للإطلاع على اشغال مشروع توسعة وعصرنة مدينة روصو،


ورغم ما تقوله السلطات من أنه سيتم تاهيل المنطقة وتزويدها بالمقومات الضرورية من طرق وكهرباء ومياه اضافة الى مختلف البنى التحتية الضرورية لتشكل امتدادا طبيعيا لمدينة روصو،فإن الواقع وحتى إعداد هذا التقرير يؤكد خلاف ذلك تماما،فدار لقمان على حالها،"نسمع جعجعة ولا نرى طحينا"يقول أحد المواطنين .

 المواطن.. فى الإنتظار...



المواطنون الذين إستبشروا خيرا بالوعود البراقة التى أطلقتها السلطات الرسمية قبل فترة،يعبرون عن الكثير من خيبة الأمل والخوف من أن تتحول تلك الوعود إلى سراب بقيعة تتلاشى كما يتلاشى أمل سكان عاصمة ولاية اترارزة روصو فى بناء مدينة مؤمنة فى وجه التغيرات المناخية التى عادة ما يكون لها تأثيرها البالغ على الغالبية العظمى من سكان المدينة الحدودية.


وقد شهدت منطقة النزوح خلال الأشهر الماضية إقبال آلاف المواطنين القادمين من مناطق شتى من أجل تسجيل اسمائهم والحصول على قطع صالحة للسكن.


ويقول بعض من التقتهم "لكوارب"،إن العملية حينها طبعتها أجواء من الفوضى،ونزح إلى منطقة الإيواء مئات الأسر التى لم تتضرر فى السابق،بالإضافة إلى الأسر التى سعت إلى توزيع أفراد الأسرة إلى اسر مختلفة تسعى كل واحدة منها للحصول على قطعة أرضية مستقلة.


وتقول المصادر،إن هذه الوضعية هي التى دفعت السلطات إلى وقف العملية برمتها ووضع المنطقة التى سيتم فيها توطين المتضررين – حسب المصادر الرسمية- تحت حراسة أمنية مشددة للحيلولة دون الفوضى التى كانت التوسعة الموعودة مسرحا لها،ولتلافى نزوح أسر جديدة.


ويأخذ المواطنون على السلطات التباطئ فى توزيع القطع الأرضية وإستصلاحها قبل موسم الخريف.


وتقول"السالمة بنت الصبار"، إن الوضعية تبعث على القلق "فرغم أن موسم الخريف يطل برأسه فإن السلطات لم تحرك ساكنا بإستثناء الوعود المتكررة".


وتؤكد "مريم بنت أحمياد" على رأي زميلتها،مستغربة تباطئ السلطات المحلية فى تنفيذ المشروع،داعية السلطات العليا فى البلد إلى السرعة فى تنفيذ المشروع ومواجهة الفوضى والزبونية التى قد تلجأ إليها السلطات المختصة فى الولاية.


ويرى "عبد الله ولد محمد الأمين"أحد سكان حي "الصطارة"،أن توقف المشروع أمر لا مبرر له،مستغربا مايصفه بالتوقف المفاجئ لعمليات إستصلاح القطع الأرضية المعدة للسكن.


ويضيف ولد محمد الأمين:"السلطات وعدت قبل فترة بإحصاء مساكن الأحياء المتضررة فى مقاطعة روصو،وهو ما أدى إلى نزوح آلاف الأسر من أماكن مختلفة وقدومها إلى المدينة،ورغم ذلك فإن العملية برمتها توقفت بشكل غير مبرر،وهو ما يعنى أن موسم الخريف القادم قد تكون له عواقب وخيمة نتيجة للكثافة السكانية الكبيرة التى تشهدها المدينة هذه الأيام".


ويؤكد "عبد الرحمن"العامل فى سوق المدينة، على المخاوف السابقة قائلا:"فى السابق كان سكان الأحياء المتضررة يغادرون المدينة مع بداية موسم الخريف،أما هذا العام فإنهم لايفكرون فى ذلك خوفا من حرمانهم من الحصول على قطع أرضية فى التوسعة الجديدة من جهة،ولأن مكان الإيواء السابق محرم ومحروس من طرف وحدات الحرس".

 قبل فوات الأوان...


رغم أن الجهود الساعية إلى تأمين مدينة روصو من خطر المياه تجرى بشكل متواصل، عن طريق تهيئة وبناء مجارى جديدة للصرف الصحى، فى مختلف أحياء المدينة، فإن موسم الخريف يشكل هاجسا لدى سكان المدينة الذين عانوا خلال السنوات الماضية من كوارث حقيقية إستدعت التدخل والإغاثة.


ويأمل السكان أن لاتكون الليلة كالبارحة...فقبل سنوات وعد سكان مدينة روصو بإنهاء معاناتهم لكن تبين حين أمطرت السماء فى موسم الخريف الماضى أنها وعود لاتغنى من الحق شيئا..فإلى متى؟؟؟


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق